مضاف واحد وهو أحدهما لا على التعيين ولئن سلمنا فتقديره مثل فتنة المسيح أو قريب فتنة المسيح فحذف أحد اللفظين منهما لدلالة الآخر عليه نحو قول الشاعر: بين ذراعي وجبهة الأسد. فإن قلت فما توجيهه على ما في بعض النسخ من وجود لفظ من قبل لفظ فتنة ومن لا تتوسط بين المضاف والمضاف إليه في اللفظ. قلت لا تسلم امتناع إظهار حرف الجر بينهما إذ جوزوا التصريح بما هو مقدر من اللام ومن وغيرهما في الإضافات وهو مثل قولهم لا أبالك ولئن سلمنا فهما ليسا بمضافين إلى الفتنة المذكورة على هذا التقدير بل مضافان إلى الفتنة المقدرة والمذكورة هو من فتنة بيان لذلك المقدر. فإن قلت وفي بعضها قريباً بالنصب والتنوين فما وجهه. قلت يكون من حينئذٍ صلةٍ له ويقدر لفظ فتنة قبل لفظ قريباً فيكون المثل مضافاً إليه. فإن قلت لفظة أي مرفوعة أو منصوبة. قلت الرواية المشهورة الرفع وهو مبتدأ وخبره قالت أسماء وضمير المفعول محذوف وفعل الدراية معلق بالاستفهام لأنه من أفعال القلوب إن كانت أي استفهامية ويجوز أن يكون أيضاً مبتدأ مبنياً على الضم على تقدير حذف صدر صلته والتقدير لا أدري أي ذلك قالت أسماء وأما توجيه النصب فبأن يكون مفعول لا أدري إن كانت موصولة أو مفعول قالت إن كانت استفهامية أو موصولة أو يقال إن من شريطة التفسير بأن يشتغل قالت بضميره المحذوف ويحتمل أن تكون الدراية بمعنى المعرفة. قوله (المسيح) سمي مسيحاً لأنه يمسح الأرض أو لأنه ممسوح العين ودالاً لأن الدجل الكذب والتمويه وخلط الحق بالباطل وهو كذاب مموه خلاط ووصف بالدجال يتميز عن المسيح بن مريم عليه السلام ووجه الشبه بين الفتنتين الشدة والهول والعموم ولكن يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. قوله (يقال) هو بيان لقوله يفتتون أي يمتحنون ولهذا لم يدخل الواو عليه. و (ما علمك) الخطاب فيه للمقبور. فإن قلت لم جمع أولاً حيث قال في قبوركم وأفرد ثانياً حيث قال وما علمك. قلت هو من مقابلة الجمع بالجمع فيفيد التوزيع وكأنه قال لكل أحد أنك تفتن في قبرك أو لأن السؤال عن العلم يكون لكل واحد بانفراد واستقلاله وكذلك لكل أحد جواب خصا بخلاف الفتنة. فإن قلت هل يقال للانتقال من جمع الخطاب إلى مفرد الخطاب كما نحن فيه التفات. قلت عرف بعض علماء المعاني الالتفات بحيث يتناول الانتقال من صنف من نوع الضمير إلى صنف آخر من ذلك النوع كما قال المرزوقي في شرح الحماسة:
أحياً أباكن يا ليلى الأماديح
إنه التفات وكما في قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) ونحوه لكن الجمهور على خلافه، قوله (بهذا الرجل) أي بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم يقل بي لأنه حكاية من قول الملائكة للمقبور والقائل هو الملكان السائلان المسميان بمنكر ونكير ولم يقولا رسول الله لئلا يتلقن منهما إكرام الرسول ورفع