اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَحْيَانًا يَاتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلاً فَيُكَلِّمُنِي، فَأَعِي مَا يَقُولُ. قَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ، عَلَيْهِ الوَحْيُ فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التشبيه ثم لعل المراد منه السؤال عن كيفية ابتداء الوحي أو عن كيفية ظهور الوحي لتوافق ترجمة الباب ,قوله: ((أحيانا)) جمع حين وهو الوقت يطلق على الكثير والقليل حتى على لحظة وانتصب على الظرف وعامله يأتيني مؤخرا عنه قوله: ((مثل صلصلة)) الصلصلة بفتح الصادين صوت كل شيء مصوت كصوت السلسلة وقيل هو الصوت المتدارك ومثل هو حال أي يأتيني مشابها صوته صلصلة الجرس والجرس بفتح الراء شبه ناقوس صغير أو سطل في داخله قطعة نحاس يعلق منكوسا على البعير فإذا تحرك تحركت النحاسة فأصابت السطل فتحصل صلصلة والعامة تقول جرص بالصاد وليس في كلام العرب كلمة اجتمعت فيها الصاد والجيم إلا الصمج وهو القنديل وأما الجص فمعرب قوله: ((فيفصم)) فيه ثلاث روايات فتح الياء وكسر الصاد وضم الياء وفتح الصاد من الفصم وهو القطع قال تعالى ((لا انفصام لها)) أي لا انقطاع لها, ويقال الفصم الصدع أو الشق من غير إبانة فمعناه حينئذ فيفارقني على أنه يعود والقصم بالقاف الكسر مع الإبانة وأقول هذا معنى يدعيه الاشتقاقيون من مناسبة المعنى للفظ الموضوع له إذ لما كان القاف من الحروف الرخوية والرواية الثالثة ضم الياء وكسر الصاد من أفصم المطر إذا أقلع والمراد من القطع أي قطع الوحي أي مفارقة الملك مثلا وغما قطع الشدة أي ينجلي عني ما يتغشاني من الكرب والشدة ويحتمل أن يكون مفعول ما لم يسم فاعله لفظة عني فيكون من تتمة الشدة أي هو أشده علي بحيث ينقطع من بدني شيء, قوله: ((وعيت)) أي حفظت وجمعت ((يتمثل)) مشتق من المثال أي يتصور وهو أن يكلف أن يكون مثلا لشيء وشبيها له, و (الملك) اللام فيه للعهد أي جبرئيل عليه السلام ورجلا منصوب إما بالمصدرية أي يتمثل تمثل رجل وإما بالمفعولية أن ضمن تمثل معنى اتخذ أي اتخذ الملك رجلا مثالا وغما بالحالية, فإن قلت الحال لابد أن يكون دالا على الهيئة والرجل ليس بهيئة قلت: معناه على هيئة رجل فإن قلت ليس التمثيل في حال هيئة الرجل ومن شرط الحال أن يكون حالا عند صدور الفعل قلت يكون حالا مقدرة وذلك كثير وإما بالتمييز ((فأعي)) أي أحفظ ((والجبين)) طرف