فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ وَقَالَ لَهُ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَاسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ أَيْ غُدَرُ أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنَيْهِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المروءة. قوله (المغفر) زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة و (أهوى) أي مال إليها بيده ليأخذها وكان ذلك عادة العرب سيما أهل اليمين ويجرى ذلك عندهم مجرى الملاطفة وكان المغيرة يمنعه ذلك تعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلالاً لقدره لأن الرجل إنما يفعل ذلك بنظيره وبمن هو له مساو في المنزلة دون الرؤساء وكان صلى الله عليه وسلم لا يمنعه من ذلك تأليفاً له واستمالة لقلبه. قوله (أي غدر) بوزن عمر أي يا غدر يريد المبالغة في وصفه بالغدر ألست أسعى في إطفاء ثائرة غدرك ودفع شر جنايتك ببذل المال ونحوه وكان بينهما قرابة. قوله (فأقبل) بصيغة المتكلم وفيه دليل على أن أموال أهل الشرك إذا أخذوها عند الأمان مردودة إلى أربابها و (يقتتلون)