جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ، وَطَلَبُوا العَفْوَ، فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا فَقَالَ يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بفتح النون وإسكان المعجمة الأنصارية عمة أنس بن مالك. قوله (ثنية) أي سن و (الجارية) المرأة الشابة لا الأمة ليتصور القصاص بينهما و (طلبوا) أي طلب قوم الربيع من قوم الجارية أخذ الارش وقبوله والعفو عنه وقوله (أنس بن النضر) بسكون المعجمة عم أنس بن مالك قتل يوم أحد شهيداً ووجد فيه بضع وثمانون من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم وفيه نزلت ((رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)) فإن قلت كيف أنكر أنس الكسر وهو حكم الشرع؟ قلت إما أنه قبل أن يعرف أن كتاب الله القصاص على التعيين بل ظن التخيير لهم بين القصاص وبين الدية أو أراد الاستشفاع من رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أو لم يرد به الإنكار والرد بل قاله توقعاً ورجاء من فضل الله أن يرضى خصمها ويلقى في قلبه أن يعفو عنها. الطيبي: لا، ليس رد للحكم بل نفى لوقوعه، ولفظ ((لا تكسر)) إخبار عن عدم الوقوع وذلك بما كان له عند الله من القرب والثقة بفضل الله ولطفه في حقه أنه لا يخيبه بل يلهمهم العفو ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)) حيث جعله من زمرة عباد الله المخلصين. قوله (كتاب الله القصاص) أي حكم كتاب الله سبحانه وتعالى القصاص على حذف مضاف وهو إشارة إلى قوله تعالى ((والجروح قصاص)) أو إلى قوله تعالى ((والسن بالسن)) إن قلنا نحن متعبدون بشرع من قبلنا أو إلى قوله تعالى ((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)) أو الكتاب بمعنى الفرض والإيجاب وفيه جواز الحلف فيما يظن وقوعه، والثناء على من لا يخاف الفتنة بذلك، واستحباب العفو عن القصاص، والشفاعة في العفو، وأن الخيرة في القصاص والدية إلى مستحقه لا إلى المستحق عليه، وإثبات القصاص بين النساء وفي الأسنان، والكسر بمعنى القلع ليتصور فيه القصاص