له مهاجر أم قيس والثاني أنه للتنبيه على زيادة التحذير من ذلك وهو من باب ذكر الخاص بعد العام تنبيها على مرتبته وأقول ليدل أن النساء أعظمها ضررا وأكثرها تبعة, قال الطيبي كل الأعمال والنيات جمع محلى باللام الاستغراقية فأما أن يحملا على عرف اللغة فيكون الاستغراق حقيقيا أو على عرف الشرع وحينئذ إما أن يراد بالأعمال الواجبات والمندوبات والمباحات وبالنيات الإخلاص والرياء وان يراد بالأعمال الواجبات ومالا يصح إلا بالنية كالصلاة ولا سبيل إلى اللغوي لأنه ما بعث إلا لبيان الشرع فكيف يتحدّى بما لا جدوى له فيه فحينئذ يحمل إنما الأعمال بالنيات على ما اتفقت عليه أصحابنا أي ما الأعمال محسوبة بشيء من الأشياء كالشروع فيها والتلبس بها إلا النيات وماخلا عنها لم يعتدّ بها فإن قيل لم خصصت متعلقي الخبر والظاهر العموم كمستقر أو حاصل فالجواب أنه حينئذ يكون بيانا للغة لا إثباتا لحكم الشرع وقد سبق بطلانه ويحمل وإنما لكل امرئ ما نوى على ما تثمره النيات من القبول والرد والثواب والعقاب ففهم من الأول أن الأعمال لا تكون محسوبة ومسقطة للقضاء إلا إذا كانت مقرونة بالنيات ومن الثاني أن النيات إنما تكون مقبولة إذا كانت مقرونة بالإخلاص فالأول قصر المسند إليه في المسند والثاني عكسه ويقرب منها الصلاة في الأرض المغصوبة فإنها محسوبة ومسقطة للقضاء لكن إيقاعها فيها حرام يستحق العقاب وتحريره أنّ ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) دلّ على أنّ الأعمال تحسب بحسب النيّة إن كانت خالصة لله فهي لله وإن كانت للدنيا فهي لها وإن كانت لنظر الخلق فكذلك وعلى هذا المعنى ينبغي أن يحمل ما بعد الفاء التفصيلية لأنه لن يكون المفصل خلاف المجمل وكذا عكسه فإن المعنى بالهجرة هي الهجرة المعروفة في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلّم بقوله: لا هجرة بعد الفتح ومعلوم أن هذه الهجرة لا تقتضي إلا الإخلاص لأنّ الهجرة إلى الدنيا لا تقتضي النية التي في الطهارة مثلا وأقول حاصله مبني على ثبوت المغايرة بين النية بمعنى الإخلاص والنية بمعنى القصد وهو غير مسلم ولئن سلمنا ذلك لا نسلم أن الهجرة لا تقتضي النية التي في الطهارة مثلا إذ لا بد للمهاجر أن يقصد الهجرة حتى يثاب ويكون ممتثلا لأمر الشارع كما لا نسلم وإلى رسوله في الشرط والجزاء تعظيم لمعنى تلك الهجرة وتفخيم لشأنها أي هي الهجرة الكاملة وما سواها ليست بهجرة ولهذا السر غير العبارة في متعلق الجزاء الثاني بلفظة ما حطاّ لمنزلتها, وأقول وإنما أورد البخاري هذا الحديث قبل الشروع في أبواب الكتاب وقد وافق ما ثبت في علم الكلام أن أول ما يجب على المكلف هو القصد إلى النظر في معرفة الله تعالى إعلاما بأن هذا المصنف منوي فيه الإخلاص لله تعالى مجنب عن الأغراض الدنيئة والرياء ولما صحح فيه النيّة وصفى فيه الطوية جعل الله تعالى كتابه علما من أعلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015