بِالْأُخْرَى فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المثلثة قدر الحلبة وقيل هو القدح من اللبن وقيل القليل منه، (والإداوة) الركوة وفيه استصحابها في السفر وخدمة التابع المتبوع، فإن قلت ما التلفيق بينه وبين ما تقدم آنفا من حديث «لا يحلبن أحد ماشية أحد» قلت كان هاهنا إذن عادي أو كان صاحبه صديق الصديق، أو كان كافرا حربيا، أو كان حالهما حال اضطرار، أو من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين، قال ابن بطال: حديث الهجرة كان في زمن المكارمة والآخر في زمان التشاح لما علم أنه سيكون من يغير الأحوال بعده أو كان العادة إذن الملاك المرعاة في الحلب للضيف ونحوه كالمرأة تعطي اللقمة من مال زوجها، وفيه من الأدب والتنظيف ما فعله أبو بكر من نفض يد الراعي ونفض الضرع وخدمته له صلى الله عليه وسلم ما يجب أن يمتثل لكل عالم أو إمام عادل والله أعلم.