فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَفْوَ. ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلاَمِ. فَشَرَطَ عَلَىَّ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ إِنِّى لَنَاصِحٌ لَكُمْ. ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
استخلف جريراً على الكوفة عند موته وقيل ابنه عروة بن المغيرة أو يريد به المدة القريبة من الآن فيكون ذلك الأمير زياداً إذ ولاه معاوية بعد وفاته الكوفة. قوله: (استغفروا) وفي بعض الرواية استعفوا أي اسألوا الله لأميركم العفو فإنه كان يحب العفو عن ذنوب الناس إذ يعامل الشخص كما يعامل هو الناس وفي المثل السائر "كما تدين تدان". وقيل: "كما تكيل تكال" قال ابن بطال جعل الوسيلة إلى عفو الله تعالى بالدعاء بأغلب خلال الخير عليه وما كان يحبه في حياته وكذلك يجزى كل أحد يوم القيامة بأحسن أخلاقه وأعماله. قوله: (قلت) ترك الواو العاطفة لأنه إما بدل عن أتيت أو استئناف و (فشرط على) هو بتشديد الياء على الأصح من الروايات ولفظ (والنصح) مجرور لأنه عطف على الإسلام ومثله يسمى بالعطف التلقيني يعني لقنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطف والنصح على الإسلام وذلك كقوله: تعالى: "إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي" وفي بعضها والنصح بالنصب عطف على مقدر أي شرط الإسلام والنصح وفيه أن البيعة سنة وفيه دليل على كمال شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته وقد مر معنى النصيحة وحاصلها القيام بتأدية ما هو واجب عليك بالنسبة إلى الله ورسوله وخواص المسلمين وعوامهم. قوله: (على هذا) أي على المذكور من الإسلام والنصح كليهما والمراد من المسجد مسجد الكوفة وذكر المسجد للتنبيه على شرف مكان القسم وموضع النصيحة ليكون أقرب إلى القبول. قوله: (إني لناصح) فيه إشارة إلى أنه وفي بما بايع به النبي صلى الله عليه وسلم وأن كلامه صادق خالص عن الأغراض الفاسدة. قوله: (نزل) أي من المنبر أو معناه أنه قعد لأنه في مقابلة قام فحمد الله وعلى لفظ الحمد نختم كتاب الإيمان والحمد لله رب العالمين والصلاة على سيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين ورضي الله تعالى عنا وعز والدينا وعن شيوخنا وعن سائر المسلمين.
****
تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني. وأوله ((كتاب العلم))