عَلَيهِ وسَلمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، قَالَ: مَا الإِسْلاَمُ؟ قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وروي عنه أيوب والأعمش وهما تابعيان وليس هو بتابعي وهذه فضيلة قال أحمد بن عبد الله هو ثقة صالح مبرز صاحب سنة مات سنة خمس وأربعين ومائة. قوله: (أبي زرعة) بضم الزاي وسكون الراء هو عمرو بن جرير البجلي الكوفي وقد سبق في باب الجهاد من الإيمان. قوله: (بارزاً للناس) أي ظاهراً إليهم جالساً معهم (فأتاه رجل) أي شخص في صورة رجل. قوله: (أن تؤمن بالله) فإن قلت ما وجه تفسير الإيمان بأن تؤمن وفيه تعريف الشيء بنفسه. قلت ليس تعريفاً بنفسه إذ المراد من المحدود الإيمان الشرعي ومن الحد الإيمان اللغوي أو المتضمن للاعتراف ولهذا عدى بالباء أي أن تصدق معترفاً بكذا ولفظ الإيمان بالله متناول للإيمان بوجوده وبصفاته التي لا تتم الألوهية إلا بها قوله: (وملائكته) هو جمع ملك نظراً إلى أصله الذي هو ملاك مفعل من الألوكة بمعنى الرسالة والتاء زيدت فيه لتأكيد معنى الجمع أو لتأنيث الجمع وهم أجسام علوية نورانية متشكلة بما شاءت من الأشكال. قوله: (وبلقائه) قال الخطابي أي برؤية الله تعالى في الآخرة. النووي اختلفوا في المراد بالجمع بين الإيمان بلقاء الله والبعث فقيل اللقاء يحصل بالانتقال إلى دار الجزاء والبعث بعده عند قيام الساعة وقيل اللقاء ما يكون بعد البعث عند الحساب وليس المراد باللقاء رؤية الله تعالى فإن أحداً لا يقطع لنفسه بها فإن الرؤية مختصة بمن مات مؤمناً ولا يدري الإنسان ما يختم له به. وأقول فيه نظر إذ لا دخل لقطعه لنفسه بل اللازم أن يقطع بأنه حق في نفس الأمر. نعم لو قيل الرؤية من المسائل المختلف فيها ليست من ضروريات الدين فلا يجب الإيمان بها لتم دينه. قوله: (ورسله) الرسل جمع رسول وهو النبي الذي أنزل عليه الكتاب والنبي أعم منه وقدم ذكر الملائكة على الرسل إتباعاً لترتيب الوجود فإن الملائكة مقدمة في الخلق وللترتيب الواقع في تحقيق معنى الرسالة فإنه يقال أرسل الله تعالى الملك إلى الرسول لا تفضيلاً للملائكة على الرسل كما زعم المعتزلة. فإن قلت الإيمان بالكتب أيضاً واجب فلم تركه. قلت الإيمان بالرسل مستلزم للإيمان بما أنزل عليهم. قوله: (وتؤمن بالبعث) فإن قلت لم كرر لفظ وتؤمن. قلت لأنه نوع آخر من المؤمن به لأن البعث سيوجد فيما بعد وأخواته موجودة الآن والمراد من البعث بعث الموتى من القبول وما يترتب عليه من الحساب