المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، التَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالخَمْسِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قلت مثله يسمى بالحال المقدرة أي خرج مقدراً الأخبار نحو (فادخاوها خالدين) ولاشك أن الخروج حالة تقدير الأخبار كالدخول حالة تقدير الخلود. قوله: (فنلاحي) مشتق من التلاحي وهو التنازع الجوهري: تلاحوا أي تنازعوا. قوله: (رجلان) هما عبد الله بن أبي حدرد بالحاء المهملة المفتوحة والدال المهملة المكررة وكعب بن مالك كان علي عبد الله دين لكعب فطلبه فتنازعا فيه ورفعا صوتيهما في المسجد. قوله: (لأخبركم بليلة القدر) فإن قلت الأخبار متعد إلى ثلاثة مفاعيل فأين الأخيران منها. قلت هما محذوفان أو لفظ بليلة القدر هو بمنزلة المفعولين إذ التقدير أخبركم بأن ليلة القدر هو الليلة الفلانية. فإن قلت هل يجوز أن يكون بليلة القدر ثاني المفعولات والثالث محذوف قلت لا إذ مفعوله الأول كمفعول أعطيت والثاني والثالث كمفعولي علمت. قوله: (فرفعت) النووي: معنى رفعت أي رفع بيانها أو علمها وإلا فهي باقية إلى يوم القيامة قال وشذ قوم فقالوا رفعت ليلة القدر وهذا غلط لأن آخر الحديث يرد عليهم فإنه قال التمسوها ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمرهم بالتماسها. وأقول فإن قلت كيف يؤمر بطلب ما رفع علمه. قلت المراد طلب التعبد في مظانها وربما يقع العمل مصادفاً لها لا أنه مأمور بطلب العلم بعينها والأوجه أن يقال معناه رفعت من قلبي أي نسيتها. قوله: (أن يكون) أي الرفع خيراً ليزيدوا في الاجتهاد ويقوموا في الليالي لطلبها فيكون زيادة في ثوابكم ولو كانت معينة لاقتنعتم بتلك الليلة فقل عملكم. قوله: (التمسوها في السبع) أي ليلة السبع والعشرين من رمضان والتسع والعشرين منه والخمس والعشرين منه وفي بعض النسخ بتقديم التسع على السبع. فإن قلت من أين أستفيد التقييد بالعشرين وبرمضان قلت من الأحاديث الآخر الدالة عليهما وهو دليل على أنها في الأفراد من الليالي وقد مر في باب قيام ليلة القدر الأقوال التي فيها إلى نحو من العشرين وبيان تسميتها وغير ذلك. فإن قلت ما وجه دلالة الحديث على الترجمة قلت من حيث أن فيه ذم التلاحي وأن صاحبه ناقص لأنه يشغل عن كثير من الخير بسببه سيما إذا كان في المسجد وعند جهر الصوت بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم بل ربما ينجر إلى بطلان العمل وهو لا يشعر قال تعالى (ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) فإن قلت للترجمة جزءان فدلالته على الجزء الأول أظهر كالحديث الأول على الجزء الثاني ففيه لف ونشر وإن قلنا الترجمة أمر واحد