النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (إني لأعرف ناسًا ما هم أنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء بمنزلتهم يوم القيامة، الذين يحبون الله تعالى، ويحببونه إلى خلقه، يأمرونهم بطاعة الله، فإذا أطاعوا الله أحبهم الله).

وروى الشيخ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي- رحمه الله- في كتابه- الحجة على تارك المحجة نحوه من حديث يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعًا: "ألا أخبركم بأقوام ليسوا بأنبياء ولا شهداء؟ يغبطهم يوم القيامة النبيون والشهداء بمنازلهم من الله- عزَّ وجلَّ- على منابر من نور، يعرفون عليها قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: قومٌ يحببون عباد الله إلى الله- تعالى- ويحببون الله إلى عباده، يمشون (على) الأرض نصحًا فقال: هذا يحبب الله إلى عباده، فكيف يحببون عباد الله إلى الله- تعالى-؟ قال: يأمرونهم بما يحب الله- عزَّ وجلَّ- وينهونهم عما يكره الله، فإذا أطاعوا أحببهم الله- عزَّ وجلَّ- ومن هذه الطائفة التي بهذا الوصف تذكر، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر فلا يزال في كل عصر طائفة قائمين لله بالحق داعين بهممهم الخلق، منحوا بحسن المتابعة رتبة الدعوة، وجعلوا للمتقين قدوة قد ظهرت في الخلق آثارهم، وأشرقت في الآفاق أنوارهم، من اقتدى بهم اهتدى، ومن خالفهم عن طريق الحق واعتدى، تالله ما اهتم بالخلاص، إلا أهل التقى والإخلاص. أيامهم بالأمر بالمعروف زاهرة، ودولتهم بالنهي عن المنكر قاهرة، قد باعوا عرض الدنيا بجوهر الآخرة، فأسبغ عليهم مولاهم نعمة باطنة وظاهرة".

قال الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد البرتي: حدثنا أبو حذيفة هو موسى بن مسعود النهدي قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن (بن) الحضرمي قال: أخبرني من سمع النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن في آخر أمتي قومًا يعطون من الأجر مثل ما لأولهم ينكرون المنكر) ورواه حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة، عن عطاء بنحوه.

ورواه الشيخ أبو الفتح نصر- في كتاب الحجة- من حديث طاهر بن الفضل قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب فذكره.

فمن أنكر منكرًا، وبذل فيه جهدًا، وأخلص لله- تعالى- قصده، كان من آخر الصدر الأول عارفًا- كما تقدم في الحديث- آنفًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015