بذلك وأما جملة الناس من الآمرين والناهين فإن الله عز وجل امتحنهم لتعديهم حدوده وتضييعهم أمره وشماتتهم بغيرهم
قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير}.
فعلى قدر تضييعه وتقصيره يكون ردهم عليه وامتناعهم من القبول منه وعلى قدر ما يلحقه من خوف المخلوقين يكون تسلطهم عليه وعلى قدر توكله عليهم في معاونته ورجائه بهم يكون بعدهم عتنه فيوكل إليهم وعلى قدر محبة النفس للدنيا والثناء والتصنع يلحقه الضعف عند رؤية المنكر لأن القلب لا يحتمل الموارد عليه فيهيج من الغضب فعون الله تعالى للعبد على قدر صدقه في مجاهدته. وعلى قدر ثباته يستحق التثبيت من الله تعالى: { .. ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشد تثبيتًا}.
وعلى قدر إخلاص الآمر وإياسه من معاونة الخلق يكون نصر الله له.
وعلى قدر معرفته أن الخلق مأمورون مسلطون لم يملكهم ضرًا ولا نفعًا لأنفسهم ولا لغيرهم يكون قيامه بالحق عليهم بذهاب رهبتهم من قلبه قال الله تعالى: { .. وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله .. }
فمن خاف مخلوقًا فإنما صرف الضر والنفع إليه.
وعلى قدر ما يعظم الله تعالى في قدر العبد يصغر الخلق كلهم في عينه قال الله تعالى: { .. إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يستنقذوه مننه ضعف الطالب والمطلوب}.
وعلى در إعزاز المؤمن لأم الله يلبسه الله من عزه قال الله تعالى: {يا ايها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}.
وعلى قدر صدق الصادق في البر على القيام بحقوق الله تعالى وحدوده تكون شدة محبته، قال الله تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم}.
وفي مسند البزار من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: " إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤنة وإن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء"