وقال عبد الله بن المبارك: ليست للمؤمن في الدنيا دولة، لأنها سجنه وبلاؤه، وإنما هو الصبر، وكظم الغيظ، وإنما دولته في الآخرة. وقيل، أوحى الله - تعالى إلى عزير: إن لم تطب نفسًا بأن أجعلك علكًا في أفواه الماضغين، لم أكتبك عندي من المتواضعين.
وقال الحسن البصري - رحمة الله عليه- إلى جانب كل مؤمن منافق يؤذيه.
كما قيل:
ولن تبصري شخصًا يسمى محمدًا ... من الناس إلا مبتلى بأبي جهل
ومما قرع الأسماع، واشتهر وذاع، ما روى القاضي أبو عبد الله محمد ين سلامة القضاعي- في مسند الشهاب- بسنده- عن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لو كان المؤمن في حجر، لقيقبض الله له فيه من يؤذيه).
وروى- أيضًا - نحوه من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: "لو أن المؤمن في حجر فأرة لقيض الله له فيه من يؤذيه".
وقال علي- رضي الله عنه -: ما كان ولا يكون إلى يوم القيامة مؤمن إلا وله جار يؤذيه.
والحكمة في ذلك ما ذكر بعض المحققين: أن المؤمن ولي الله ومحبوبه، لقوله تعالى: {الله ولي الذين آمنوا}.
ولقوله: { ... والله ولي المؤمنين}.
ولقلوله: { ... يحبهم ويحبونه}.
فإذا أحب الله - سبحانه - عبده المؤمن، وأراد أن يختصه بالولاية عرفه للبلاء والابتلاء - كما سيأتي في فضل الصبر - من الباب الرابع إن شاء الله تعالى. قوله صلى الله عليه وسلم بعد ان سأله سعد بن أبي وقاص: أي الناس أشد بلاء قال: (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ... ) الحديث.