الجزء الثالث
في بيان طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين. وأن السالكين طريق الحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بين أهل الفساد من الغرباء المكروهين.
ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي بردة عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا فكان منها بقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير. وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به).
ورواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند بزيادة في أوله:
قال النووي: معنى هذا التمثيل أن الأرض ثلاثة أنوع فكذلك الناس.
فالنوع الأول من الأرض: ينتفع بالمطر فتحيا بعد أن كانت ميتًا وتنبت الكلأ فينتفع به الناس والدواب والزرع وكذلك النوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه فيحي به قلبه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع وينفع.
النوع الثاني من الأرض: ما لا تقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة وهي إمساك