بهم في بعض الأمور والتي لا يسلطون فيها على المسلمين حتى لا يكونوا تحت أيديهم، وقد استعان بهم السلف.
قال محمل بن أحمد المروذي: أيستعان باليهود والنصارى وهما مشتركان ولا يستعان بالجهمي.
قال: يا بني يغتر بهم المسلمون وأولئك لا يفتر بهم المسلمون.
فهذه أركان الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودرجاته التي ينبغي أن يستعملها الآمر الناهي مرتبة من غير تقديم ولا تأخير، كما قال معاوية بن ابي سفيان - رضي الله عنه -: لا أضع سيفي حيت يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيت يكفيني لساني.
وترتيب هذه الدرجات التي ذكرها الإمام الغزالي وغيره وجدت لها شاهدًا من قوله - تعالى-: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب .. } لأن قوله: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات} أي بالمعجزات والحجج الباهرات، والدلائل القاطعات {وأنزلنا معهم الكتاب} وهو النقل المصدق ببيان شرائع الأحكام و {الميزان} هو العدل: قاله ابن عباس، وقتادة. وهو الحق الذي شهدت به العقول الصحيحة المستقيمة المخالفة للآراء السقيمة؛ كما قال تعالى: {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه} وقال: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} وقال: {والسماء رفعها ووضع الميزان} ولهذا قال في هذه الآية: {ليقوم الناس بالقسط ... } أي بالحق والعدل وهو إتباع الرسل فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا به، فان الذي جاؤوا به هو الحق الذي ليس وراءه حق. كما قال تعالى: {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا .. } أي صدقا في الأخبار وعدلًا في الأوامر والنواهي، ولهذا يقول المؤمنون إذا تبوؤوا غرف الجنات، والمنازل العاليات، والسرر المصفوفات: {وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ... }.