فعلمنا بذلك أن للإمام، أو لنوابه أن يعاقبوا الفساق بكسر آنيتهم، وإن كانوا ينتفعون بها في غير فسقهم.
وسيأتي- في الباب الثامن- الكلام على مشروعية التعذير بالعقوبات المالية.
ومن العلماء من قال: لجماعة المسلمين أن يكسروا الآنية إذا كان فيها الخمر.
فإن قيل: فللمسلمين أن يهرقوا المنكر دون السلطان؟ قيل: نعم إذا رأوا شيئًا من المنكر كان لهم أن يهرقوه، أمرهم السلطان أو لم يأمرهم. قال: ليس بين أهل العلم في ذلك اختلاف من أن لهم كسر هذه الملاهي.
فإن قالوا: لم زعمتم أن لكم كسر الملاهي استعمالها، وقد روى مالك - في الموطأ- عن نافع: أن ابن عمر - رضي الله عنه- كان إذا رأى أحدًا من أهل بيته يلعب بالنرد ضربه وكسرها.
ولا ضمان على مستأجر البيت في حك تصاويره، ولا على الداخل في الحمام، إذا فعل ذلك.
قال المروذي: (قلت لأحمد: الرجل يكتري البيت، فيرى فيه تصاوير ترى أن يحلها؟ قال: نعم).
قال ابن القيم: وحجته ما روى مسلم من حديث أبي الهياج حيان بن حصين الأسدي. قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟ أن لا تدع تمثالًا إلاّ طمسته. ولا قبرًا مشرفًا إلاّ سويته.
وهذا يدل على طمس الصور في أي شيء كانت. وروى البخاري- في صحيحه- من حديث ابن عباس - رضي الله عنه- (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت).
وروى - أيضًا - من حديث عائشة: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يترك في بيته شيئًا فيه تصليب إلاّ قصه).