وإن لم تخف أمر السلطان والأمراء بالمعروف أو نهيهم عن المنكر إلاّ على نفسه، فأمرنا لهم جائز - عند جمهور العلماء-.
قال أبو حامد: بل مندوب إليه، فلقد كان من عادة السلف - رضي الله (عنهم) - التعرض للأخطار والتصريح بالإنكار من غير مبالاة بهلاك المهجة، والتعرض لأنوع العذاب الأليم لعلمهم بأن ذلك شهادة لما سبق من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ... وعلى أن نقول الحق أينما كنا، ولا نخاف في الله لومة لائم.
ومن حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر). ومن حديث جابر رضي الله عنه -: (خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام فأمره ونهاه فقتله) إلى غير ذلك من الأحاديث السالفة.
وفي شعب الإيمان - للبيهقي - من حديث مغيرة بن مقسم، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم أنه قام إلى الحجاج. فقال: { ... ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا .... }
{فلا يسرف في القتل إنه كان منصور} فقال الحجاج. أمكن الله من دمك. فقال: "إن من في بطنها أكثر ممن على ظهرها" وقد قال إبراهيم بن عبد الله: سمعت أحمد بن حنبل يقول ما سمعت كلمة كانت أقوى لقلبي وأقر لعيني - في المحنة - من كلمة سعتيا من فقير أعمى.
قال - لي-: يا أحمد إن تهلك في الحق مت شهيدًا، وإن عشت عشت حميدًا.
وقال إسحاق بن حنبل عم الإمام أحمد: (يا أبا عبد الله قد أعذرت فيما بينك وبين الله - تعالى - وقد أجاب أصحابك واليوم بقيت في الحبس والشر وحدك .. فقال: يا عم إذا أجاب العالم تقية والجاهل بجهل فمتى يتبين الحق؟ فأمسكت عنه).
والمقصود أنه كان من عادة السلف الإنكار على الأمراء والسلاطين، والصدع بالحق