والسكون من المؤاخاة من حيث اختصاص كلّ واحد منهما بقبيل من المعربات، لأنّ الجزم في الفعل نظير الجرّ في الاسم، فلذلك جعل الكسر عوضا عن السكون عند الحاجة إلى الحركة ولا يعدل عن تحريكه بالكسر إلى الضمّ أو الفتح إلّا لمعارض يقتضي ذلك جوازا أو وجوبا، والجواز قد يكون على السواء، وقد يكون الأصل أولى، وقد يكون المعدول إليه أولى، أما الجواز على السواء فهو أن يكون ما بعد الساكن الثاني ضمة أصلية لفظا أو تقديرا في نفس الكلمة الثانية التي الساكن الثاني فيها، فمثال الضمّة الأصلية لفظا، قوله تعالى: وَقالَتِ اخْرُجْ (?) سقطت همزة الوصل فالتقى ساكنان الأول تاء قالت والثاني خاء اخرج، وبعد الثاني الراء وهي مضمومة لفظا ضمّة أصلية فاستوى في تاء قالت الأمران أمّا الضمّ فلئلا يخرجوا من كسرة إلى ضمّة لازمة ولم يتعدوا بالساكن حاجزا، وأمّا الكسر فعلى الأصل (?).
ومن ذلك أيضا ما قرئ في هاتين الآيتين فالأولى: أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ (?) والثانية إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوها (?) فإنه قرئ: وعذابن اركض، وعيونن ادخلوها بتحريك نون تنوين عذاب ونون تنوين عيون بالضمّ لالتقاء الساكنين، وهما التنوين/ المذكور وراء اركض ودال ادخلوها، واستوى في تحريك التنوين الأمران؛ أعني الضمّ والكسر، أما الضمّ فلاتباع ضمّة كاف اركض وخاء ادخلوها، وأمّا الكسر فعلى الأصل (?) ومثال الضمّة الأصلية تقديرا ضمّة زاي