أزيد عندك أم عمرو (?) لأنّ ما ذكر له صدر الكلام فلا يعمل ما قبله فيما بعده.
واعلم أنّ الفرق بين التعليق والإلغاء أن الإلغاء: هو إبطال عملها لفظا ومحلا، وأمّا التعليق: فهو إبطال عملها لفظا لا محلا، فإنّ موضع الجملة في قولك: علمت لزيد قائم، نصب (?) وإنّما لم يعمل لفظا، لأنّ لام الابتداء وحرف النفي وحرف الاستفهام لهنّ صدر الكلام، والعامل له حكم التّصدر على معموله فتدافعا (?).
ومن خصائص هذه الأفعال أيضا: أنه يجوز أن يكون فيها ضمير فاعل ومفعول لشيء واحد كقول الشخص عن نفسه علمتني منطلقا، وفي غيرها يعدل إلى لفظ النفس فيقال: ضربت نفسي وكرهت نفسي، لأنّ الغالب في غير أفعال القلوب تعلّق فعل الفاعل بغيره، فلو جمع بينهما لسبق الفهم إلى المغايرة (?) وليس كذلك أفعال القلوب لأنّها تتعلّق بالاعتقادات من العلم والظنّ، وعلم الإنسان وظنّه يتعلّق بصفات نفسه أكثر من صفات غيره (?) وقد
تجيء بعض هذه الأفعال بمعنى آخر (?) فتجيء ظننت من الظّنّة بمعنى التّهمة، وتجيء علمت بمعنى عرفت كقوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ (?) أي عرفتم، وتجيء وجدت بمعنى وجدان الضّالّة أي بمعنى الإصابة تقول: وجدت ناقتي أي أصبتها، وتجيء رأيت بمعنى رؤية البصر تقول: رأيت زيدا أي أبصرته وإذا استعملت هذه الأفعال في هذه المعاني المذكورة فلا تتعدّى إلى أكثر من مفعول واحد، لأنّ معانيها حينئذ لا تقتضي إلّا التعلّق بمعنى واحد فتقول: علمت زيدا كما تقول: عرفت زيدا (?).