ينتصب ما بعد حتّى بشرط أن يكون ما بعدها مستقبلا بالنظر إلى ما قبلها سواء كان مستقبلا عند الإخبار أو لم يكن نحو قولك: سرت أمس حتّى/ أدخل البلد بالنصب، إذ الغرض هو الإخبار عن الدخول المترقّب عند ذلك السير من غير نظر إلى حصوله (?) وتكون حتّى بمعنى كي، أي للسببيّة وهو الغالب نحو: أسلمت حتّى أدخل الجنّة، بمعنى كي أدخل الجنّة وتكون بمعنى إلى أي بمعنى انتهاء الغاية نحو:
سرت حتّى تغيب الشمس، لأنّ السير ليس سببا لغيبوبة الشمس إلّا أنّ في حتّى معنى ليس في إلى وهو الاستبعاد والاستعظام، ألا ترى من قال ضربتهم حتّى صغيرهم، فإنّه يريد استعظاما ومبالغة حين أراد أنّ ضربه انتهى إلى الغاية القصوى، فإن فقد كون ما بعد حتّى مستقبلا بالنسبة إلى ما قبلها وذلك بإرادتك الحال نحو: سرت حتّى أدخل البلد، وأنت مخبر عن السير حال الدخول كانت حرف ابتداء فيرفع ما بعدها، وإنما لم ينصب حينئذ لامتناع تقدير أن، لأنّ أن للطمع والرّجاء الدّالّين على الاستقبال فلا تقدّر أن بعدها إذا كانت للحال لتحقّق المنافاة بين الحال والاستقبال، وإذا كانت حرف ابتداء وجب أن يكون ما قبلها سببا لما بعدها لأنّها إذا كانت حرف ابتداء صار ما بعدها مستقبلا في الإخبار به فوجب الاتصال المعنوي لتتحقّق (?) الغاية التي هي مدلولها، وذلك كقولهم: شربت الإبل حتّى يجيء البعير يجرّ بطنه (?) فهنا حتّى حرف ابتداء وما قبلها أعني الشرب سبب لما بعدها أعني جرّ البطن، ومن ذلك قولهم:
مرض حتى لا يرجونه، فالمرض هو سبب عدم الرّجاء (?) ويمتنع: ما سرت حتى أدخلها بالرفع، لأنّ نفي السير ليس سببا للدخول (?) وكذلك يمتنع أسرت حتى تدخلها، لأنّه لا يستقيم إثبات المسبّب مع الشكّ في وجود السّبب، وكذلك يمتنع:
كان سيري حتى أدخلها بالرفع إذا كانت كان الناقصة، ويتحتّم النصب لأنّ كان الناقصة تحتاج إلى خبر (?)، فلو رفعت ما بعد حتّى للزم أن تكون جملة تامة، لأنّ