«وإن المكسورة الخفيفة تزاد بعد ما النافية لتأكيد النفي ويبطل عمل ما حينئذ كقول الشاعر:
فما إن طبّنا جبن ولكن … منايانا ودولة آخرينا
وكقول النابغة:
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه … إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي
وكقول امرئ القيس:
حلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا فما إن من حديث ولا صالي (?)
8 - يعيّن أبو الفداء أحيانا موضع الشاهد في الأشعار التي يسوقها ويوضحه، وأحيانا يعربه ويشرح غريبه من ذلك قوله عن جرير:
تعدون عقر النّيب أفضل مجدكم … بني ضوطرى لولا الكميّ المقنّعا
«فنصب الكميّ بفعل مقدّر أي هلّا تعدّون الكميّ، والضوطرى الضخم لا غناء عنده ومعنى البيت تفتخرون بعقر النيب - وهو جمع ناب وهي المسنّة من الإبل - وليس لكم في الشجاعة نصيب» (?).
ومثل ذلك قوله على بيت لبيبد:
فأرسلها العراك ولم يذدها … ولم يشفق على نغص الدّخال
يصف حمار الوحش بأنه أرسل الأتن إلى الماء مزدحمة، فالعراك وإن كان لفظه معرفة فمعناه التنكير أي معتركة، وقال أبو علي الفارسي: تأويله تعترك العراك، فتعترك المقدّر هو الحال والعراك منصوب على المصدر، والعراك الزّحام» (?).
9 - تأثر أبو الفداء في عرضه ومناقشاته لبعض القضايا النحوية والصرفية بعلمي الكلام والمنطق، من ذلك قوله حين عرض خلاف النحويين حول تعريف المخصوص بالمدح أو الذم: «وقيل تعريف الرجل في قولك: نعم الرجل، هو تعريف الجنس لا