هذا ليس مثله في التصريح جعل كأنّه نائب عن معنى التصريح (?) وتدخل «من» في مميّز الخبريّة كثيرا نحو قوله تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها (?) ولكم الاستفهامية والخبريّة صدر الكلام (?) لكون الاستفهاميّة لإنشاء الاستفهام، والخبريّة لإنشاء التكثير، والكوفيون لا يوجبون لهما صدر اللام ويستشهدون بقوله تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ (?) ويزعمون أنّ كم فاعل يهد (?) والبصريون يتأولونه ويقفون على يهد لهم ويبتدئون بقوله: كم أهلكنا (?) لكن إن كان قبلهما مضاف أو حرف جرّ وجب تقديمه وكانا في موضع خفض كقولك: غلام كم رجلا ضربت، وبكم رجلا مررت، لأنّ المضاف وحرف الجرّ لا يتأخّر عن معموله، فلذلك اغتفر تقديمه على ماله صدر الكلام، ليتنزّل المضاف وحرف الجرّ منزلة الجزء من الكلمة، ويكون إعراب المضاف نحو الغلام في: غلام كم رجلا، كإعراب كم، ولذلك نصبت غلام كم رجلا ضربت، والاستفهاميّة والخبريّة كلاهما يقع مرفوعا ومنصوبا ومجرورا (?) أما جرّهما فبالمضاف أو حرف الجرّ حسبما تقدّم، وأمّا النصب فبما بعدهما من الفعل، إن كان متسلّطا عليهما، أي غير مشتغل بضميرهما أو متعلّق ضميرهما على حسب ما يقتضيه، أعني؛ إن اقتضى مفعولا به كان مفعولا به نحو:
كم رجلا أو رجل ضربت، بنصب رجل مع الاستفهاميّة، وجرّه مع الخبريّة، وإن اقتضى مفعولا مطلقا كان مفعولا مطلقا نحو: كم ضربة وضربة ضربت، وإن اقتضى