الكليات (صفحة 370)

وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا، وَهُوَ الحكم المنطقي

وَفِي اصْطِلَاح أَصْحَاب الْأُصُول: خطاب الله الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير، وَيُقَال لَهُ الْكَلَام النَّفْسِيّ ومدلول الْأَمر وَالنَّهْي والإيجاب وَالتَّحْرِيم، وَيُسمى هَذَا بالاختصاصات الشَّرْعِيَّة، وَأثر الْخطاب الْمُتَرَتب على الْأَفْعَال الشَّرْعِيَّة، وَهَذَا يُسمى بالتصرفات الْمَشْرُوعَة، وَهُوَ نَوْعَانِ: دُنْيَوِيّ كالصحة فِي الصَّلَاة وَالْملك فِي البيع وأخروي كالثواب وَالْعِقَاب وَجَمِيع المسببات الشَّرْعِيَّة عَن الْأَسْبَاب الشَّرْعِيَّة، كل ذَلِك مَحْكُوم لله تَعَالَى ثَبت بِحكمِهِ وإيجاده وتكوينه وَإِنَّمَا سمي حكم الله على لِسَان الْفُقَهَاء بطرِيق الْمجَاز عندنَا، خلافًا للمعتزلة والأشعرية، فَإِن عِنْدهم التكوين عين المكون كَمَا عرفت فِيمَا تقدم

وَحكم الشَّرْع مَا ثَبت جبرا لَا اخْتِيَارا للْعَبد فِيهِ، وَمَا ثَبت جبرا هِيَ الصّفة الثَّابِتَة للْفِعْل شرعا، لَا نفس الْفِعْل الَّذِي اتّصف بِالْوُجُوب وَالْحسن والقبح وَالصِّحَّة وَالْفساد، لِأَن نفس الْفِعْل يحصل بِاخْتِيَار العَبْد وَكَسبه وَإِن كَانَ خالقه هُوَ الله تَعَالَى

وَالْحكم الشَّرْعِيّ: مَا لَا يدْرك لَوْلَا خطاب الشَّارِع: سَوَاء ورد الْخطاب فِي عين هَذَا الحكم أَو فِي صُورَة يحْتَاج إِلَيْهَا هَذَا الحكم كالمسائل القياسية، إِذْ لَوْلَا خطاب الشَّارِع فِي الْمَقِيس عَلَيْهِ لَا يدْرك الحكم فِي الْمَقِيس

وَالْحكم الْعقلِيّ: إِثْبَات أَمر لآخر أَو نَفْيه عَنهُ من غير توقف على تكَرر وَلَا وضع وَاضع، وينحصر فِي الْوُجُوب والاستحالة وَالْجَوَاز

وَالْحكم العادي: إِثْبَات ربط بَين أَمر وَآخر وجودا أَو عدما بِوَاسِطَة تكَرر الْقُرْآن بَينهمَا على الْحس مَعَ صِحَة التَّخَلُّف وَعدم تَأْثِير أَحدهمَا فِي الآخر الْبَتَّةَ

وَالْحكم العادي القولي: كرفع الْفَاعِل وَنصب الْمَفْعُول وَنَحْو ذَلِك من الْأَحْكَام النحوية واللغوية

وَالْحكم العادي الْعقلِيّ: كَقَوْلِنَا فِي الْإِثْبَات: (شراب السكنجين مسكن للصفراء) وَفِي النَّفْي: (الفطير من الْخبز لَيْسَ بسريع الانهضام)

وَقد يُطلق العادي على مَا يسْتَند إِلَى شَيْء من الْعقل وَالنَّقْل، وَيُطلق أَيْضا على مَا اسْتَقر فِي النُّفُوس من الْأُمُور المتكررة المقبولة عِنْد الطباع السليمة، وعَلى مَا اسْتمرّ الزَّمَان على حكمه وَعَاد إِلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى، وعَلى مَا وَقع فِي الْخَارِج على صفة اتِّفَاقًا

وَالْحكم عِنْد أهل الْمَعْقُول يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْقَضِيَّة، إطلاقا لاسم الْجُزْء على الْكل

وَقد يُطلق على التَّصْدِيق وَهُوَ الْإِيقَاع والانتزاع، وعَلى مُتَعَلّقه، وَهُوَ الْوُقُوع واللاوقوع، وعَلى النِّسْبَة الْحكمِيَّة، وعَلى الْمَحْمُول، فَإِذا أطلق الحكم على وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى من قبيل الْمَعْلُوم وَمن أَجزَاء الْقَضِيَّة وَإِذا أطلق على إِيقَاع النِّسْبَة أَو انتزاعها فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى من قبيل الْعلم والتصديق عِنْد الحكم

فَاخْتَارَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي عبارَة مرجع صدق الْخَبَر أَو كذبه عِنْد الْجُمْهُور إِلَى مُطَابقَة حكمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015