الكليات (صفحة 290)

الْمُمْتَنع لذاته فَإِنَّهُ خَارج عَن الْقُدْرَة وَالِاخْتِيَار أصلا، هَكَذَا ذكره السّلف]

التَّوْجِيه: قسْمَة البديعيون على قسمَيْنِ: أَحدهمَا: هُوَ أَن يبهم الْمُتَكَلّم الْمَعْنيين بِحَيْثُ لَا يرشح أَحدهمَا على الآخر بِقَرِينَة، كَمَا فِي الْبَيْت المنظوم فِي الْخياط وَهَذَا عِنْد الْمُتَقَدِّمين فَإِنَّهُم نزلوه منزلَة الْإِبْهَام وسموه توجيها

وَأما التَّوْجِيه عِنْد الْمُتَأَخِّرين: فَهُوَ أَن يؤلف الْمُتَكَلّم مُفْرَدَات بعض الْكَلَام أَو جملياته ويوجهها إِلَى أَسمَاء متلائمات صفاتها اصْطِلَاحا من أَسمَاء أَعْلَام أَو قَوَاعِد عُلُوم أَو غير ذَلِك مِمَّا يتشعب لَهُ من الْفُنُون توجيها مطابقا لِمَعْنى اللَّفْظ الثَّانِي من غير اشْتِرَاك حَقِيقِيّ، بِخِلَاف التورية وَالْفرق بَينهمَا من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن التورية تكون باللفظة الْمُشْتَركَة والتوجيه بِاللَّفْظِ المصطلح؛ وَالثَّانِي: أَن التورية تكون باللفظة الْوَاحِدَة؛ والتوجيه لَا يَصح إِلَّا بعدة أَلْفَاظ متلائمة

التسهيم: هُوَ أَن يتَقَدَّم من الْكَلَام مَا يدل على أَن الْمُتَأَخر مِنْهُ تَارَة بِالْمَعْنَى وطورا بِاللَّفْظِ

ثمَّ إِذا كَانَت دلَالَته معنوية، فَمرَّة يدل بِمَعْنى وَاحِد وَمرَّة يدل بمعنيين وَالْفرق بَينه وَبَين التوشيح هُوَ أَن التسهيم يعرف من أول الْكَلَام آخِره، وَيعلم مقطعه من حشوه من غير أَن يتَقَدَّم سجعه أَو قافيته إِلَّا بعد مَعْرفَتهَا

والتوشيح: لَا يدل أَوله على القافية فَحسب

والتسهيم: يدل تَارَة على عجز الْبَيْت، وَتارَة على مَا دون الْعَجز بِشَرْط الزِّيَادَة على القافية؛ وَيدل تَارَة أَوله على آخِره وَتارَة بِالْعَكْسِ، بِخِلَاف التوشيح

وَمن التوشيح فِي الشّعْر قَوْله:

(لم يبْق غير خَفِي الرّوح فِي جَسَدِي ... فدى لَك الباقيان الرّوح والجسد)

[التلميح: بِتَقْدِيم الْمِيم هُوَ إتْيَان بِمَا فِيهِ ملاحة وظرافة، يُقَال: ملح الشَّاعِر، إِذا أَتَى بِشعر مليح

وَالْفرق بَينه وَبَين التهكم بِحَسب الْمقَام فَإِن كَانَ الْغَرَض مُجَرّد الملاحة والظرافة من غير قصد إِلَى استهزاء فتمليح وَإِلَّا فتهكم

وَأما] التلميح: [بِتَقْدِيم اللَّام] هُوَ أَن يضمن الْمُتَكَلّم كَلَامه بِكَلِمَة أَو كَلِمَات من آيَة أَو قصَّة أَو بَيت من الشّعْر أَو مثل سَائِر أَو معنى مُجَرّد من كَلَام أَو حِكْمَة نَحْو قَوْله:

(فوَاللَّه مَا أَدْرِي أأحلام نَائِم ... ألمت بِنَا أم كَانَ فِي الركب يُوشَع)

أَشَارَ إِلَى قصَّة يُوشَع النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام واستيقافه الشَّمْس وَفِي النّظم الْجَلِيل: {أَلا بعدا لمدين كَمَا بَعدت ثَمُود}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015