وقالَ شيخُ الاسلامِ رحمه الله: والذي تقرَّرَ في قلوبِ العامَّةِ هوَ ما فطرَ الله تعالى عليهِ الخليقةَ منْ توجُّههَا إلى ربِّها تعالى عنْدَ النوازلِ والشدائدِ والدُّعَاءِ والرغباتِ إليهِ تعالى نحوَ العُلُوِّ، لا يلْتفتُ يُمْنَةً ولا يُسْرَةً منْ غيرِ موقفٍ وقفهم عليه، ولكن فطرةَ الله التي فطَرَ النَّاسَ عليهَا، وما منْ مولودٍ إلَّا هوَ يولدُ على هذهِ الفطرةِ يجهِّمهُ وينقلهُ إلى التَّعْطيلِ منْ يقيَّض لهُ.
ذكرَ سعيدُ بنُ عامرٍ الضبعيُّ الجهميَّةَ فقالَ: همْ شرٌّ قولًا مِنَ اليهودِ والنَّصارى، قَدِ اجتمعَ اليهودُ والنَّصارى، وأهلُ الأديانِ مَعَ المسلمينَ، عَلَى أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ عَلَى العَرْشِ. وقالوا هم: لَيْسَ عَلَى شيءٍ (?).
قالَ صالحُ بنُ الضريسِ: «جعلَ عبدُ الله بنُ أبي جعفرٍ الرازيُّ يضربُ رأسَ قرابةٍ لهُ يرى برأيِّ جهمٍ، فرأيتهُ يضربُ بالنَّعلِ على رأسهِ ويقولُ: لا، حتَّى تقول: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5] بائِنٌ منْ خَلْقِهِ» (?).
قَالَ بنانُ بنُ أحمدَ: كنَّا عند القعنبيِّ رحمه الله، فسمعَ رجلًا مِنَ الجهميَّةِ يقولُ: الرَّحْمنُ عَلَى العرشِ استولى. فقال القعنبيُّ: «مَنْ لا يُوقِن أنَّ الرَّحْمن عَلَى العرش استوى كَمَا يَقِرُ فِي قلوبِ العامَّةِ، فهو جَهْمِيٌّ» (?).
قَالَ رحمه الله: «ناظرتُ جهمًا فتبيَّنَ مِنْ كلامهِ أنَّه لاَ يؤمنُ أنَّ فِي السَّمَاء ربًّا» (?).