وقالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ *} [البروج: 14 - 15]، فأضافَ العرشَ إِلَى نفسهِ، كَمَا تضافُ إِلَيْهِ الأشياءُ العظيمةُ الشريفةُ، وهذا يدلُّ عَلَى عظمةِ العرشِ، وقربهِ منهُ سُبْحَانَهُ واختصاصهِ بهِ؛ بلْ يدلُّ عَلَى غايةِ القربِ والاختصاصِ، كَمَا يضيفُ إِلَى نفسهِ بـ «ذو» صفاتهِ القائمةِ بِهِ، كقولهِ: {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]. {ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ} [الرَّحْمن: 27] (?). ويقالُ: ذو العزَّةِ، وذو الملكِ، وذو الرَّحمةِ ونظائرُ ذَلِكَ.
فلوْ كَانَ حظُّ العرشِ منهُ حظَّ الأرضِ السَّابعةِ، لكانَ لاَ فرقَ أَنْ يقالَ: ذو العرشِ، وذو الأرضِ (?).
وقال تعالى: {ويحملُ عرش ربك} [الحاقة: 17]، وإضافةُ العرشِ إلى اللهِ تقتضي «إضافةً تخصُّهُ كما في سائرِ المضافاتِ إلى اللهِ، كقولهِ: بيتُ اللهِ، وناقةُ اللهِ، ونحوِ ذلك. وإذا كانَ العرشُ مضافًا إلى الله في هذه الآية إضافة اختصاصٍ، وذلك يوجبُ أن يكونَ بينهُ وبين اللهِ من النسبةِ ما ليس لغيرهِ، فما يذكرهُ الجهمية منَ الإستيلاء والقدرة وغيرِ ذلك أمرٌ مشتركٌ بين العرش وسائرِ المخلوقاتِ، وهذه الآية تنفي أن يكونَ الثابتُ منَ الإضافةِ هو القدر المشترك، وتوجبُ اختصاصًا للعرش بالله ليس لغيره» (?).
وتدبَّر - رحمك الله - الأحاديثَ التاليةَ الواردةَ في ذكرِ العرشِ: