وقالَ الإمامُ أبو عمرو الداني رحمه الله (444هـ): «ومنْ قولهم: إنَّ الله جلّ جلاله وتقدَّست أسماؤهُ: ينزلُ في كلِّ ليلةٍ إلى السَّماء الدنيا في الثلثِ الباقي مِنَ الليلِ، فيقولُ: «هَلْ مِنْ دَاعٍ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وهلْ منْ سَائِلٍ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ، وهلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟» حتَّى ينفجرَ الصُّبْحُ، على ما صحَّتْ بهِ الأخبارُ، وتواترتْ بهِ الآثارُ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. نزولهُ تبارك وتعالى كيفَ شاءَ، بلا حَدٍّ، ولا تكييفٍ.
وهذا دينُ الأُمَّةِ، وقولُ أهلِ السُّنَّةِ في هذه الصِّفاتِ أنْ تُمَرَّ كما جاءتْ بغيرِ تكييفٍ، ولا تحديدٍ، فمنْ تجاوزَ المَرْوِيَّ فيها وكَيَّفَ شيئًا منها ومَثَّلَها بشيءٍ منْ جوارحِنا وآلَتِنا فقدْ ضلَّ واعْتَدَى، وابتدعَ في الدينِ ما ليسَ منهُ، وخَرَقَ إجماعَ المسلمينَ، وفارقَ أئمَّةَ الدِّينِ» (?).
وقالَ رحمه الله:
فمِنْ صَحِيح ما أَتَى به الأثر ... وَشَاعَ فِي النَّاسِ قَدِيمًَا وانْتَشَرْ
نُزُولُ رَبِّنَا بلا امْتِراء ... فِي كلِّ ليلةٍ إِلى السّماءِ
مِنْ غَيرِ مَا حَدٍّ وَلاَ تَكْيِيفِ ... سُبْحَانَهُ مِنْ قَادرٍ لَطيف (?).
وقالَ ابنُ عبد البرِّ رحمه الله (463هـ) تعليقًا على حديثِ النزولِ: «هَذَا حديثٌ ثابتٌ منْ جهةِ النَّقلِ، صحيحُ الإسنادِ، لا يختلفُ أهلُ الحديثِ في صحَّتهِ، وفيهِ (?) دليلٌ على أنَّ الله عزَّ وجلَّ في السَّماءِ على العرشِ منْ فوقِ سبعِ سماواتٍ، وعلمهُ في كلِّ مكانٍ كمَا قالتِ الجماعةُ أهلُ السنَّةِ أهلُ الفقهِ والأثرِ (?)، ثمَّ ذكرَ آياتٍ دالَّةً على علوِّ الله تعالى (?).