فليراجع عقلهُ!! فإمَّا أنْ يكونَ مكابرًا لعقلهِ، أو في عقلهِ شيءٌ، وإلَّا فإذا قالَ: يُرى لا أمامَ الرائي، ولا خلفهُ، ولا عنْ يمينهِ ولا عنْ يسارهِ ولا فوقهُ ولا تحتهُ ردَّ عليهِ كلُّ منْ سمعهُ بفطرتهِ السليمةِ.
ولهذا ألزمَ المعتزلةُ مَنْ نفى العلوَّ بالذَّاتِ بنفي الرؤيةِ، وقالوا: كيفَ تُعْقَلُ رؤيةٌ بغيرِ جهةٍ» (?).
قالَ ابنُ القيِّم رحمه الله:
فَسَلِ المُعَطِّلَ هَلْ يُرى مِنْ تَحْتِنَا ... أمْ عَنْ شَمَائِلِنَا وَعَنْ أيْمَانِ
أَمْ خَلْفَنَا وَأمَامَنَا سُبْحَانَهُ ... أمْ هَلْ يُرَى مِنْ فَوقِنَا بِبَيَانِ
يَا قَومُ مَا فِي الأمرِ شَيْءٌ غَيْرَ ذَا ... أوْ أنَّ رُؤيَتَهُ بِلاَ إمْكَانِ
إذْ رُؤيَةٌ لاَ فِي مُقَابَلَةٍ مِنَ الرَّ ... ائِى مُحَالٌ لَيْسَ فِي الإِمْكَانِ
وَمَنِ ادَّعَى شَيْئًا سِوَى ذَا كَانَ دَعـ ... ـوَاهُ مُكَابَرَةً عَلَى الأَذْهَانِ (?).
وقالَ رحمه الله: «والذي تفهمهُ الأممُ على اختلافِ لغاتِها وأوهامِها منْ هذهِ الرؤيةِ رؤيةُ المقَابَلَةِ والمُوَاجَهَةِ التي تكونُ بينَ الرائي والمرئي فيهَا مسافةٌ محدودةٌ غيرُ مُفْرِطةٍ في البعدِ، فتمتنعُ الرؤيةُ، ولا في القربِ، فلا تمكنُ الرؤيةُ، لا تعقلُ الأممُ غيرَ هذا، فإمَّا أنْ يَرَوْهُ سبحانهُ منْ تحتهم - تعالى الله - أو منْ خلفهم، أو منْ أمامهمْ، أو عنْ أيمانهم، أو عنْ شمائلهم، أو منْ فوقهم، ولا بدَّ منْ قسمٍ منْ هذهِ الأقسامِ إنْ كانتِ الرؤيةُ حقًّا، وكلُّها باطلٌ سوى رؤيتهم لهُ منْ فوقهم.