22 - إنَّ الرُّوحَ إذا كانتْ موجودةً حيَّةً، عالمةً قادرةً، سميعةً بصيرةً، تصعدُ وتنزلُ، وتذهبُ وتجيءُ، ونحو ذلكَ مِنَ الصِّفاتِ والعقولُ قاصرةٌ عنْ تكييفها وتحديدهَا، لأنَّهمْ لم يشاهدوا لها نظيرًا، والشيءُ إنَّما تدركُ حقيقتهُ إمَّا بمشاهدتهِ أو بمشاهدةِ نظيرهِ، فإذا كانتِ الرُّوحُ متصفةً بهذه الصِّفاتِ مَعَ عدمِ مماثلتها لما يُشَاهَدُ مِنَ المخلوقاتِ، فالخالقُ أولى بمباينتهِ لمخلوقاتهِ مَعَ اتِّصافهِ بما يستحقُّهُ منْ أسمائهِ وصفاتهِ، وأهلُ العقولُ هم أعجزُ عنْ أنْ يحدوه أو يكيِّفوهُ منهم عنْ أن يحدوا الرُّوحَ أو يكيِّفوهَا.
فإذا كانَ مَنْ نفى صفاتِ الرُّوحِ جاحدًا معطِّلًا لهَا، ومَنْ مثَّلهَا بمَا يشاهدهُ مِنَ المخلوقاتِ جاهلًا ممثِّلًا لهَا بغيرِ شكلهَا - وهيَ مع ذلكَ ثابتةٌ، بحقيقةِ الإثباتِ، مستحقَّةٌ لما لها من الصِّفاتِ - فالخالقُ سبحانه وتعالى أولى أنْ يكونَ مَنْ نفى صفاتِه جاحدًا معطِّلًا ومنْ قاسهُ بخلقهِ جاهلًا به ممثِّلًا، وهوَ سبحانهُ ثابتٌ بحقيقةِ الإثباتِ، مستحقٌ لما لهُ مِنَ الأسماءِ والصِّفاتِ (?).
23 - لا يجوزُ أنْ يفهمَ من استواءِ اللهِ الخاصِّيةُ التي تثبتُ للمخلوقِ دونَ الخالقِ (?).
24 - إنَّهُ سبحانهُ منزَّهٌ منْ أنْ تحيط بهِ المخلوقاتُ، أو أنْ يكونَ مفتقرًا إلى شيءٍ منها: العرش وغيره. ومنْ ظنَّ مِنَ الجهَّالِ أنَّهُ إذا نَزَلَ إلى السَّماءِ الدنيا يكونُ العرشُ فوقَهُ، ويكونُ محصورًا بين طبقتينِ مِنَ العالمِ، فقولهُ مخالفٌ لإجماعِ السَّلفِ مخالفٌ للكتابِ والسنَّةِ.