فمنْ جعلَ السَّابقينَ الأوَّلِينَ مِنَ المهاجرينَ والأنصارِ والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ غير عالمين بمعاني القرآن جعلهم بمنزلةِ الكفَّارِ والمنافقينَ فيما ذمَّهم الله تعالى عليه (?).
السادسُ:
أنَّ الله تعالى قالَ: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى} [العنكبوت: 51]، وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174].
ولوْ لمْ يكنِ القرآنُ مفهومًا ومعلومًا لمْ يكنْ كافيًا ولمْ يكنْ برهانًا.
قالَ ابنُ القيِّم رحمه الله: ومِنَ المحالِ أن يكونَ الكتابُ الذي يخالفهُ صريحُ العقلِ كافيًا، وإنما يكون كافيًا لمنْ قدَّمهُ على كلِّ معقولٍ ورأيٍّ وقياسٍ وذوقٍ، وحقيقةٍ وسياسةٍ، فهذا الكتابُ في حقِّهِ كافٍ لهُ، كما أنَّهُ إنَّما يكونُ رحمةً وذكرى لهُ دونَ غيرهِ، وأمَّا منْ أعرضَ عنهُ أو عارضهُ بآراءِ الرجالِ فليس بكافٍ لهُ ولا هو في حقِّهِ هدًى ولا رحمةً، بلْ هوَ مِنَ الذين آمنوا بالباطلِ وكفروا بالله (?).
السابعُ:
قولُهُ تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
فإنَّهُ يدلُّ على أنَّهُ يبيِّنُ للنَّاسِ جميعَ ما نُزِّلَ إليهم فيكونُ جميعُ المنزل مبينًا عنه يمكنُ معرفتهُ وفهمهُ، وقولُهُ تعالى: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] يدلُّ على ذلكَ، فإنَّ التفكُّرَ طريقٌ إلى العلمِ وما لا يمكنُ العلمُ بهِ لا يؤمرَ بالتفكُّرِ فيهِ.
الثامنُ: