هذا وقدْ قال صلى الله عليه وسلم: «لا يأتي عليكم زمانٌ إلَّا الذي بعدهُ شرٌّ منهُ، حتَّى تلقوا ربَّكم» (?). فكيفَ يحدثُ لنا زمانٌ فيهِ الخيرُ في أعظمِ المعلوماتِ وهو معرفةُ الله تعالى؟ هذا لا يكونُ أبدًا.
وما أحسن ما قالَ الشافعيُّ رحمه الله في رسالتهِ: «هم فوقنا في كلِّ علمٍ وعقلٍ ودينٍ وفضلٍ، وكلِّ سببٍ يُنالُ به علمٌ أو يدركُ به هدًى، ورأيهم لنا خيرٌ منْ رأينا لأنفسنا» (?).
وقالَ العلَّامةُ الشنقيطيُّ رحمه الله: قولهم: «إنَّ مذهبَ السَّلفِ أسلمُ، ومذهبَ الخلفِ أحكمُ وأعلمُ» فنقول:
أوَّلًا: وصفوا مذهبَ السَّلفِ بأنَّهُ أسلمُ، وهي صيغةُ تفضيلٍ مِنَ السَّلامةِ (?) ومَا كانَ يفوقُ غيرهُ ويفضلهُ في السَّلامةِ فلا شكَّ أنَّهُ أعلمُ منهُ وأحكمُ.
ثانيًا: اعلموا أنَّ المؤولينَ ينطبقُ عليهم بيتُ الشافعيِّ رحمه الله:
رَامَ نَفْعًا فَضَرَّ مِنْ غَيرِ قَصْدٍ ... ومِنَ البِرِّ ما يَكُونُ عُقُوقًا
وإيضاحُ المقارنةِ: أنَّ منْ كانَ على معتقدِ السَّلفِ الصَّالحِ إذا سَمِعِ مثلًا قولَهُ تعالى: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] امتلأ قلبهُ مِنَ الإجلالِ والتَّعظيمِ والإكبارِ لصفةِ ربِّ العالمينَ التي مَدَحَ بها نفسَهُ وأثنى عليهِ بهَا، فجزمَ بأنَّ تلكَ الصِّفةِ التي تمدَّحَ بهَا خالقُ السمواتِ والأرضِ بالغةٌ مِنْ غاياتِ الكمالِ والجلالِ ما يقطعُ علائقَ أوهامِ المشابهةِ بينهَا وبينَ صفاتِ الخلقِ.