وفيهِ مِنَ النَّاحيةِ المسْلكيةِ:
أنَّهُ ينبغي للإنْسانِ أنْ يغتنمَ هذَا الجزءَ مِنَ الليلِ، فيسألُ الله عزَّ وجلَّ ويدْعوهُ ويسْتغْفرهُ، ما دامَ الرَّبُّ سبحانهُ يقولُ: «منْ يدعوني .. من يستغفرني ... » و (منْ): للتشويقِ؛ فينبغي لنَا أنْ نستغلَّ هذهِ الفرصةَ؛ لأنَّهُ ليسَ لكَ مِنَ العمرِ إلَّا ما أمْضيتهُ في طاعةِ الله، وستمرُّ بكَ الأيَّامُ؛ فإذا نزلَ بكَ الموتُ؛ فكأنَّكَ ولدتَ تلكَ الساعة، وكلُّ ما مضى ليسَ بشيءٍ (?).
قال العلامة ابن قدامة المقْدسيُّ رحمه الله (620هـ): وتيقَّظْ في ساعاتِ الأسْحارِ عنْدَ نزولِ الجبَّارِ، وأحْضِرْ بقلبك قولَ العزيزِ الغفَّارِ: «هلْ منْ سائلٍ فأعْطيهُ؟ هلْ منْ داعٍ فأسْتجيبَ لهُ؟ هلْ منْ مسْتغفرٍ فأغْفرَ له؟» (?).
وقالَ ابنُ القيِّمِ رحمه الله - عنْ وقتِ النزولِ -: «إنَّهُ وقتُ قسمِ الغنائمِ، وتفريقِ الجوائزِ، فمستقلٌّ ومستكثرٌ ومحرومٌ» (?).
وقال صدِّيق حسن خان رحمه الله: «وقتُ نزول الرَّبِّ إلى السَّماء الدُّنيا أشرفُ أوقاتِ الصَّلواتِ والأذكارِ والدَّعواتِ. فمنْ وفِّقَ فيهِ لذلكَ فقدْ فازَ فوزًا عظيمًا، ومنْ حُرِمَهُ فقدْ حُرِمَ خيرًا كثيرًا» (?).
فالمتقون يقومون في الثلثِ الأخير من الليلِ للصلاةِ والذِّكر والاستغفارِ والدعاء «فما يطلعُ فجرُ الأجرِ إلَّا وقدْ حازَ القومُ الغنيمةَ، وفازوا بالفخرِ، وحمِدوا عند الصَّباحِ السُّرى، وما عندَ أهلِ الغفلةِ والنَّومِ خبرٌ ممَّا جرى» (?).
يا نفسُ قومي فقدْ نامَ الورى ... إنْ تصنعي الخيرَ فذو العرشِ يرى