وقدْ فسَّرَ الطبريُّ رحمه الله الاستواءَ: بالعلوِّ والارتفاعِ (?).
وقالَ مجاهدٌ رحمه الله: «استوى: عَلاَ على العرشِ» (?).
وقالَ سفيانُ الثوريُّ: كنتُ عندَ ربيعةَ بنِ أبي عبد الرحمن فسألهُ رجلٌ فقالَ: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]، كيفَ استوى؟ فقالَ: «الاستواءُ غيرُ مجهولٍ، الكيفُ غيرُ معقولٍ، ومِنَ الله الرسالةُ، وعلى الرسولِ البلاغُ، وعلينا التَّصديقُ» (?).
وقالَ رجلٌ للإمامِ مالكٍ: يا أبا عبدِ الله: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]، كيفَ استوى؟ قالَ: «الكيفُ غيرُ معقولٍ، الاستواءُ منهُ غيرُ مجهولٍ، والإيمانُ بهِ واجبٌ، والسؤالُ عنهُ بدعةٌ، وإنِّي أخافُ أنْ تكونَ ضَالًّا، وأمرَ بهِ فأُخرج» (?).
قالَ الإمامُ الذهبيُّ معقِّبًا: «هذا ثابتٌ عنْ مالكٍ، وهوَ قولُ أهلِ السنَّةِ قاطبةً: أنَّ كيفيَّةَ الاستواءِ لا نَعْقِلُهَا، بلْ نَجْهَلُهَا، وأنَّ استواءَهُ معلومٌ كمَا أخبرَ في كتابهِ، وأنَّهُ كمَا يليقُ بهِ، لا نتعمَّقُ ولا نَتَحَذْلَقُ، ولا نخوضُ في لوازمِ ذلكَ نفيًا ولا إثباتًا، بلْ نسكتُ ونقفُ كما وقفَ السَّلفُ، ونعلمُ أنَّهُ لو كانَ لهُ تأويلٌ لبادرَ إلى بيانهِ الصَّحابةُ، والتَّابعونُ، ولما وسعهم إقرارهُ وإمرارهُ والسُّكوتُ عنهُ، ونعلمُ يقينًا مَعَ ذلكَ أنَّ اللهَ جلّ جلاله لا مِثْلَ لهُ في صفاتهِ، ولا في استوائهِ، ولا في نزولهِ، سبحانه وتعالى عمَّا يقولُ الظالمونَ علوًّا كبيرًا» (?).