قالَ شيخُ الاسلامِ رحمه الله: العليُّ الأعلى العظيمُ، فهو أعلى منْ كلِّ شيءٍ، وأعظمُ منْ كلِّ شيءٍ. فلا يكونُ نزولهُ وإتيانهُ بحيثُ تكونُ المخلوقاتُ تحيطُ بهِ، أو تكونُ أعظمَ منهُ وأكبرَ، وهذا ممتنعٌ (?).
فالمخلوقُ إذا نزلَ من علوٍّ إلى سفلٍ زالَ وصفهُ بالعلوِّ وتبدَّلَ إلى وصفهِ بالسُّفولِ، وصارَ غيرهُ أعلى منهُ.
والرَّبُّ تعالى لا يكونُ شيءٌ أعلى منهُ قطُّ، بلْ هوَ العليُّ الأعلى، ولا يزالُ هوَ العليُّ الأعلى مع أنَّهُ يقربُ إلى عبادهِ ويدنو منهم، وينزلُ إلى حيثُ شاءَ، ويأتي كما شاءَ. وهو في ذلكَ العليُّ الأعلى، الكبيرُ المتعال، عليٌّ في دنوِّه، قريبٌ في علوِّهِ.
فهذا وإنْ لمْ يتَّصفْ بهِ غيرهُ فلعجزِ المخلوقِ أنْ يجمعَ بينَ هذا وهذا. كمَا يعجزُ أنْ يكونَ هو الأولَ والآخرَ والظاهرَ والباطنَ (?).
وقَالَ ابنُ القيِّم رحمه الله: ونزولهُ كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيا سلامٌ ممَّا يضادُّ علوَّهُ، وسلامٌ مما يضادُّ غناهُ وكمالهُ، سلامٌ منْ كلِّ ما يتوهَّمُ معطِّلٌ أو مشبِّهٌ، وسلامٌ منْ أنْ يصيرَ تحتَ شيءٍ أو محصورًا في شيءٍ. تعالى الله ربُّنا عن كلِّ ما يضادُّ كمالَهُ (?).
فتبيَّنَ بهذا الكلامِ النفيسِ، بطلانُ ما ذكرهُ السَّقافُ؛ وأنَّهُ مبنيٌّ على شفا جرفٍ هارٍ منَ الخيالاتِ والأوهامِ.
وليتأمَّل السَّقافُ وأمثالهُ منْ أهلِ الكلامِ الأثرَ التالي: