فعليكَ بمراعاةِ هذا الأصلِ والاعتصامِ بهِ، واجعلهُ جُنَّتَكَ التي ترجعُ إليهَا في كلِّ ما يطلقُ على الرَّبِّ تعالى وعلى العبدِ (?).
وبعدَ هذا الكلامِ النَّفيسِ نذكرُ شبهاتِ القومِ ونأتي عليهَا مِنَ القواعدِ بإذنِ العليِّ الأعلى الكبيرِ المتعالِ سبحانه وتعالى.
الشُّبهةُ الأولى
الليلُ ينتقلُ منْ مكانٍ إلى آخرَ فثلثُ الليلِ مثلًا في الشَّرقِ ينتقلُ حتَّى يكونَ في الغربِ، ويختلفُ الزمنُ فكيفَ نوفِّقُ بينَ هذا وبينَ تقييدِ نزولِ الله عزَّ وجلَّ بثلثِ الليلِ؟
قال ابنُ رجبٍ رحمه الله: ومعلومٌ بالضَّرورةِ منْ دينِ الإسلامِ قبحُ هذا الاعتراضِ، وأنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم وخلفاءَهُ الرَّاشدينَ لَوْ سمعوا مَنْ يعترضُ بهِ لما ناظروهُ، بلْ بادروا إلى عقوبتهِ وإلحاقهِ بزمرةِ المخالفينَ المنافقينَ المكذِّبينَ (?).
وقال شيخُ الإسلام?: وهذا إنما قالوهُ لتخيلهم من نزولهِ ما يتخيلونهُ من نزولِ أحدهم، وهذا عينُ التمثيل، ثمَّ إنهم بعدَ ذلك جعلوهُ كالواحدِ العاجزِ منهم، الذي لا يمكنهُ أن يجمعَ منَ الأفعالِ ما يعجزُ غيرهُ عن جمعهِ، وقد جاءتُ الأحاديثُ بأنَّهُ يحاسبُ خلقهُ يومَ القيامة كلٌّ منهم يراهُ مخليًا بهِ يتجلَّى ويناجيهِ، لا يرى أنهُ متخليًّا لغيرهِ ولا مخاطبًا لغيرهِ، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَالَ العَبدُ: الحَمدُ لله رب العالمين يقولُ اللهُ: حمدنِي عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال اللهُ: أثنى عليَّ عبدي» (?).
فكلٌّ منَ الناسِ يناجيهِ، واللهُ تعالى يقولُ لكلٍّ منهم ذلكَ، ولا يشغلهُ شأنٌ عن شأنٍ (?).