فكانَ فِي بيانِ قربهِ سبحانه وتعالى مِنَ المحسنينَ مِنَ التَّحريضِ عَلَى الإحسانِ واستدعائهِ مِنَ النُّفوسِ وترغيبها فيه، غايةُ حظٍّ لها، وأشرفهُ، وأجلُّهُ عَلَى الإطلاقِ. وهو أفضلُ إعطاءٍ أعطيهُ العبدُ، وهو قربهُ تبارك وتعالى منْ عبدهِ. الّذي هو غايةُ الأماني، ونهايةُ الآمالِ، وقرَّةُ العيونِ، وحياةُ القلوبِ وسعادةُ العبدِ كلُّها.
فكانَ فِي العدولِ عنْ قريبةٍ إِلَى قريبٍ من استدعاءِ الإحسانِ وترغيبِ النُّفوسِ فيهِ، مَا لا يتخلَّفُ بعدَهُ إلَّا منْ غلبتْ عَلَيهِ شقاوتهُ. وَلاَ قوَّةَ إلَّا بالله.
فتبيَّنَ منْ هَذَا: أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قريبٌ مِنَ المحسنينَ بذاتهِ ورحمتهِ قربًا لَيْسَ لهُ نظيرٌ وهوَ مَعَ ذَلِكَ فوقَ سماواتهِ عَلَى عرشهِ كَمَا أنَّهُ سُبْحَانهُ يقربُ منْ عبادهِ فِي آخرِ الليلِ وهوَ فوقَ عرشهِ ويدنو منْ أهلِ عرفةَ عشيّةَ عرفةَ وهوَ عَلَى عرشهِ؛ فإنَّ علوَّهُ سُبْحَانهُ عَلَى سماواتِهِ مِنْ لوازمِ ذاتهِ فلا يكونُ قطُّ إلَّا عاليًا، وَلاَ يكونُ فوقهُ شيءٌ البتّةَ كَمَا قَالَ أعلمُ الخلقِ: «وأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ» (?).
الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ
قال عبدُ القاهر البغداديُّ: قال عليٌّ: كانَ اللهُ ولا مكانَ، وهوَ الآنَ على ما عليهِ كانَ (?).