عنْ أبي موسى الأشْعري رضي الله عنه قالَ: كنَّا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فارتفعت أصْواتنا بالتكبيرِ فقالَ: «أيُّها الناسُ ارْبَعُوا على أنْفُسِكم! إنكمْ ليسَ تدْعُونَ أصمَّ ولا غائبًا إنَّكم تدْعون سميعًا قريبًا وهو معكم أقْربُ إلى أحَدِكُم من عُنُقِ رَاحِلَتِهِ» (?).

وذلكَ لأنَّ الله سبحانهُ قريبٌ منْ قلبِ الدَّاعي فهوَ أقربُ إليهِ منْ عنقِ راحلتهِ. فالمعنى يكونُ بتقريبهِ قلبِ الدَّاعي إليهِ، كما يقربُ إليهِ قلبُ السَّاجدِ؛ كما ثبتَ في «الصَّحيحِ»: «أَقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ من رَبِّهِ وهو سَاجِدٌ» (?).

فالساجدُ إذا سجدَ يتقربُ قلبهُ وروحهُ إلى اللهِ تعالى، والسجودُ هو نهايةُ خضوعِ العبدِ وتواضعهُ، والعبد كلما تواضع رفعهُ الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله» (?).

فالمتواضُع للهِ: الَّذِي ذلَّ واستكان للهِ تعالى لا لخلقه يكون قلبه قريبًا من الله، فيرفعه اللهُ بذلكَ، فهو في الظاهرِ هابطٌ نازلٌ، وفي الباطن - وهوَ فِي الحَقِيقَةِ - صاعِدٌ عالٍ (?) كَما قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِن آدَمِيٍّ إِلَّا فِي رَأسِهِ حَكَمَةٌ (?) بِيَدِ مَلَكٍ، فَإِذَا تَوَاضَعَ قِيلَ لِلمَلَكِ: ارفَع حَكَمَتَهُ، وَإِذَا تَكَبَّرَ قِيلَ لِلمَلَكِ: ضَع حَكَمَتَهُ» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015