قالَ ابنُ رشدٍ رحمه الله: «القولُ بالجهةِ: وأمَّا هذهِ الصِّفَةُ فلمْ يزل أهلُ الشَّريعةِ منْ أولِ الأمرِ يثبتونها لله سبحانه وتعالى، حتَّى نَفَتْها المعتزلةُ ثمَّ تبعهم على نفيِّها متأخرو الأشعريةِ، ... وظواهرُ الشَّرعِ كلُّها تقتضي إثباتَ الجهةِ مثلُ قولهِ تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ *} [السجدة: 5]، ومثل قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] ومثلُ قولهِ تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ *} [الملك: 16]، إلى غيرِ ذلكَ من الآياتِ، التي إنْ سُلِّطَ عليها التأويلُ عادَ الشَّرعُ كلُّهُ مُؤَوَّلًا، وإنْ قيلَ فيهَا إنَّها من المتشابهاتِ عادَ الشَّرْعُ كُلُّهُ مُتَشَابِهًا؛ لأنَّ الشرائعَ كلَّها مَبْنِيَّةٌ على أنَّ اللهَ في السَّماءِ، وأنَّ منهُ تنزلُ الملائكةُ بالوحي إلى النبيينَ، وأنَّ مِنَ السماءِ نزلتِ الكتبُ، وإليهَا كانَ الإسراءُ بالنبيِّ، حتَّى قربَ من سدرةِ المنتهى. وجميعُ الحكماءِ قَدِ اتَّفقوا أنَّ اللهَ والملائكةَ في السَّماءِ، كما اتَّفَقَتْ جميعُ الشرائعِ على ذلكَ» (?).
قال الإمامُ الحافظُ عبدُ الغنيِّ بنُ عبد الواحد المقدسيُّ في كتاب «الاقتصاد في الاعتقاد»:
«مِنْ صفاتِ الله تعالى التي وصفَ بها نفسَهُ، ونطقَ بهَا كتابهُ، وأخبرَ بها نبيُّه: أنَّهُ مُسْتَوٍ على عَرْشِهِ كما أخبرَ عنْ نفسهِ، ثمَّ ذكرَ آياتِ الاسْتِوَاءِ السبعِ إِلَى أنْ قَالَ:
فهذهِ سبعةُ مواضعَ أخبرَ الله فيهَا سبحانهُ أنَّهُ على العرشِ.
ثمَّ ساقَ جملةً مِنَ الأحاديثِ في ذلكَ إلى أنْ قالَ: