وينبغي إطلاقُ صفةِ الاسْتِوَاءِ منْ غيرِ تأويلٍ، وأنَّهُ اسْتِوَاءُ الذَّاتِ عَلَى العَرْشِ لاَ عَلَى معنى القعودِ والمماسةِ كَمَا قالتِ المجسِّمَةُ والكرَّاميةُ، وَلاَ عَلَى معنى العُلُوِّ والرِّفْعَةِ كَمَا قالتِ الأشعريَّةُ، وَلاَ عَلَى معنى الاستيلاءِ والغَلَبَةِ كَمَا قالتِ المُعْتَزِلَةُ، لأنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بذلكَ وَلاَ نُقلَ عنْ أحدٍ منَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ مِنَ السَّلفِ الصَّالحِ مِنْ أصحابِ الحديثِ ذلكَ، بلِ المنقولُ عنهم حَمْلُهُ عَلَى الإطْلاَقِ.

وكَوْنُهُ عزَّ وجلَّ عَلَى العَرْشِ مذكورٌ فِي كلِّ كتابٍ أُنزلَ عَلَى كلِّ نبيٍّ أُرسلَ بلا كَيْفٍ، ولأنَّ اللهَ تَعَالَى فيما لَمْ يَزَلْ موصوفٌ بالعلوِّ والقدرةِ، والاستيلاءِ والغَلَبَةِ عَلَى جميعِ خلقهِ مِنَ العرشِ وغيرهِ، فلا يحملُ الاسْتِوَاءُ عَلَى ذلكَ، فالاستواءُ منْ صفاتِ الذَّاتِ بعدَ مَا أخبرنا بِهِ ونصَّ عَلَيهِ وأكَّده فِي سبعِ آياتٍ من كتابهِ، والسنَّةُ المأثورةُ بِهِ وَهُوَ صفةٌ لازمةٌ لهُ وَلاَئقةٌ بِهِ كاليدِ والوجهِ والعينِ والسَّمعِ والبصرِ والحياةِ والقدرةِ، وكونهُ خالقًا ورازقًا ومحييًا ومميتًا موصوفٌ بِهَا، وَلاَ نخرجُ مِنَ الكتابِ والسنَّةِ. نقرأُ الآيةَ والخبرَ ونؤمنُ بِمَا فيهما، ونكلُ الكيفيَّةَ فِي الصِّفاتِ إِلَى علمِ الله عزَّ وجلَّ. ولمْ نتكلَّف غيرَ ذلكَ، فإنَّهُ غيبٌ لاَ مجالَ للعقلِ فِي إدراكهِ، ونسألُ الله تَعَالَى العفوَ والعافيةَ، ونعوذُ بِهِ مِنْ أنْ نقولَ فيهِ وفي صفاتهِ مَا لَمْ يخبرنَا بِهِ هُوَ أَوْ رسولهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015