وقد أنكر العلماء والفقهاء من جميع المذاهب على أصحاب السماع، وردُّوا على شبههم، وأبطلوا احتجاجهم ببعض الأخبار والآثار، وناقشوا آراءهم، وألَّفوا في تحريم السماع مؤلفات مفردة، وخصصوا بعض الفصول والأبواب في كتب الفقه والأخلاق لبيان حكم السماع في الشرع. وسنذكر فيما يلي أشهر العلماء الذين ألفوا في هذا الباب:
1 - أبو الطيب الطبري (ت 450):
له "رسالة في الرد على من يحب السماع" (?) استفاد منها كل من ألَّف بعده في الموضوع، وهي عبارة عن فتوى، ذكر فيها أقوال الإمام الشافعي ومالك وأبي حنيفة في الغناء، ونقل إجماع علماء الأمصار على كراهته والمنع منه، ثم ذكر الآيات والأحاديث الدالة على ذم الغناء، وأتبعها بأقوال الصحابة والتابعين. ثم ذكر شُبَه المفتونين بالسماع، وبيَّن حكم إنشاد الشعر وسماعه من غير تلحين، وذكر معنى التغنّي بالقرآن، وأنكر على من أباح النظر إلى المردان وزعم أنه قصد به الاستدلالَ على الصانع. وفي الأخير ذكر المؤلف سبب اشتغالهم بالسماع والنظر والرقص، وهو تناولهم لألوانٍ من الأطعمة الطيبة والمآكل الشهية مما يُرغّبهم في السماع وغيره من المنكرات. ولو أنهم تقللوا من الغذاء والشراب لم يلجأوا إلى الغناء والرقص والنظر.