حدثنا أبو عَقيل عن بُهيَّة عن عائشة قالت: كانت عندنا يتيمةٌ من الأنصار، فزوَّجناها رجلًا من الأنصار، فكنت فيمن أهداها إلى زوجها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشةُ! إن الأنصار ناس فيهم غزل، فما قلتِ؟ "، قالت: دعونا بالبركة ثم انصرفوا، قال: "أفلا قلتم:
أتيناكم أتيناكم ... فحيُّونا نُحيِّيكم
ولولا الذهبُ الأحمـ ... ـرُ ما حلت بَواديكم
ولولا الحبَّة السمرا ... ءُ لم تَسمَنْ عَذارِيكم
فهذا وأمثاله الذي أذن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يأذن في تلك المصائب والدواهي، ومن كذَب عليه فليتبوأ [مقعده] من النار. والاستدلال بهذه القصة وأمثالها على حلِّ هذه العظائم المعلوم قبحُها بالفطَرِ السليمة والعقولِ الصحيحة، يُشبِه الاستدلالَ على حل الخمر والمسكر بأكل قبصةٍ من تمر أو زبيب، ويشرب فوقها شربة من ماء، فإذا ضمّ أحدهما إلى الآخر في الإناء حتى أسكر ثم شربه، كأنه كضمِّه هذا إلى هذا في بطنه! وعقولٌ هذا مبلغها من العلم والمعرفة، حقيق لمن نصح نفسَه، وخاف مقام ربه، وتزود ليوم معاده، وعلم أنه موقوفٌ بين يدي الله ومسؤول، أن لا يَعبأَ بها شيئا وأن لا يَغترَّ بها وبأهلها.
وقد قيل: إن التغبير في لسان السلف هو الغناء، قال الحافظ أبو موسى المديني: قيل إنه الغناء، لأنه يحمل الناس على الرقص، فيغبِّرون الأرضَ بالدقّ والفحْصِ وحَثْيِ الترابِ. قال أبو موسى: قال الشافعي: