والسيرَ بالغدوِّ والرواح، فحَمِدَ عند الوصول مَسْراه، وإنما يَحْمَدُ القوم السُّرَى عند الصباح (?).

فأمّا مَن اتخذ إلهه هواه، وأضلَّه الله على علمٍ، وختمَ على سمعِه وبصرِه فأصمَّه وأعماه، وأعرض عن الناصح بعد ما بذل له جهدَه في نصيحته وعاداه، وجعل أغلاطَ من لم تُضمَنْ له العصمةُ في أفعاله وأقواله إمامَه وقدوتَه التي بها هُداه، فهو في سجن نفسه وإرادته محبوس، وقلبه لما علاه من رَيْن كَسْبِه المُبْعِد له عن ربه أسودُ منكوس، فالطريق الموصل له إلى الله عنه مسدود، وقلبه عن النفوذ إليه محجوب ومصدود. قد أسَامَ نفسَه مع الأنعام راعيًا مع الهَمَلِ، واستطابَ لُقيماتِ الراحة والبطالة، واستلان فِراشَ العجز والكسل. استوعرَ طريقَ الصادقين، واستسهلَ طريقَ المبطلين، فذاك الذي يُنادَى من مكان بعيد، وإذا بالغتَ معه في النصيحة فإنما تَضْرِب في باردِ الحديد، قد اتخذ بَطَرَ الحق وغَمْطَ أهلِه سُلَّمًا إلى ما يحبه من الباطل ويرضاه، فلا يَعرف من المعروف ولا يُنكر من المنكر إلّا ما وافق إرادته أو خالفَ هواه، يستطيل على ورثة الرسول وحزبه بقلبه ولسانه، ويتحيّز إلى المبطلين الباطلين، فهم أخصُّ شيعتِه وأعوانِه، قد ارتوى من مشربهم وتَضَلَّعَ (?)، واستشرف إلى منازل أولياء الله المقربين وتطلَّع، فهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015