يفيد إلا تسويدَ الورق والوجوه، ثمّ لو صحَّ فليس فيه ذكر المسموع. والظاهر أنَّه أراد سماع القرآن، لا السماع الشيطاني سماع الغناء. فإنَّ أبا سليمان قدس الله روحه لم يكن من رجال سماع الغناء ولا معروفًا بحضوره، كما أنَّ الفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم ومعروفًا الكرخي وأمثالهم لم يكونوا من أهل هذا السماع، بل هم من أعظم الناس براءةً منه.
وهذه (?) مسألة اختلف فيها أهل العلم، وهي قراءةُ الجماعة بصوت واحدٍ، فكرهها طائفة، واستحبُّوا قراءة الإدارة وهي: يَقرأ هذا ثمّ يسكت، فيقرأ الآخر، حتى ينتهوا. واستحبتها طائفة، وقالوا: تعاونُ الأصواتِ يكسو القراءة طيبًا وجلالةً وتأثيرًا في القلوب. وتأملْ هذا في تعاون الحركات بالآلات المطربة كيف يُحدِثُ لها كيفيةً أخرى؟ فإنَّ الهيئة الاجتماعية لها من الحكم ما ليس لأَفرادها. وفصَّلتْ طائفة، وقالوا: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتمعوا أمروا واحدًا منهم يقرأ والباقون يستمعون، فلم يكونوا يقرأون جملةً، ولم يكونوا يُدِيرون القراءة، القارئ واحد، والباقون مستمعون، ولا ريب أنَّ هذا أكمل الأمور الثلاثة، والله أعلم.
فصل
وأما قول أبي الحسين النوري: "الصوفي من سمع السماعَ وآثر الأسباب"، فهذا أيضًا من جنس ما قبله، فلا يُعتمد عليه. ولعل النوري