كون الفعل حراما على العامة مباحا للخاصة مستحبا لخاصة الخاصة مخالف للشرع

هذا إلا من جنس التلاعب بالدين؟! فلو قال قائل: الخمر حرام على العوام لبقاء نفوسهم وما يقع فيها من العربدة والشر، مباح لمن جاهد نفسَه عن ذلك، مستحب لمن قلبه حيٌّ لا يؤثر فيه شربه، [لما] كان فرقٌ بينه وبين هذا التقسيم، وأين في شرع الله ورسوله فعل مباح لبعض المكلفين، حرام بعينه على بعضهم، مستحب لبعضهم، مع استوائهم في التكليف وأسبابه؟ هذا مما لا يمكن مجيء الشرع به.

وإذا اختلفت الأحكام باختلاف المكلفين اختلفت باختلاف أوصافها، كتحريم نكاح الإماء على القادر الواجد لنكاح حرة، وإباحته للعاجز الخائف العَنَتَ، وكوجوب الصوم على المقيم والمرأة الطاهر، وإباحة الفطر للمسافر ووجوبه (?) على الحائض، وكوجوب الزكاة على المالك للنصاب وسقوطها عن (?) العاجز عنه، وتحريم النكاح والوطء على المحرم وإباحته للحلال، وتحريم دخول المسجد على الجنب وإباحته للطاهر. فهذا هو الذي تجيء به الشرائع، وهو تعليق الأحكام بالأوصاف واختلافها بسببها.

فأما أن يكون الفعل حرامًا على العامة مباحًا للخاصة مستحبًّا لخاصة الخاصة، فهذا شرعُ دينٍ لم يأذن به الله، ثمّ ما الضابط المفرِّق بين من يحرم عليه ويباح ويستحب؟ وما هو العامي الذي يحرم عليه والخاص الذي يباح له والخاص الخاص الذي يستحب له؟ وهل هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015