استدلال بعض الجهال بكون الجمال نعمة على جواز التمتع بالصور الجميلة

ومادةً للنفاق. وما أحرى هذا أن يكون من الذين يقولون: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 97 - 98].

ونظيرُ هذا سواءً ما وقع فيه طوائف من الجهال ممن ينتسب إلى معرفة وإرادة وزهد، من الاستدلال بكون الجمال نعمةً على جواز التمتع بالصور الجميلة مشاهدةً ومُسارَّةً (?) وعشقًا، فهؤلاء في الصور، وأولئك في الأصوات، لكنِ الواقعون في فتنة الصوت منهم من له من العقل والدين والمعرفة ما ليس في الواقعين في فتنة الصور، فإنَّه ليس في أهل الصور رجلٌ مشهور بين الأمة بعلم ودين وسلوك وخير، بخلاف أهل الأصوات، ولكن أهل الأصوات طَرَّقُوا لأهل الصور الطريقَ، ونَهَجُوا لهم السبيلَ، ونَقَطُوا لهم فخطُّوا، وارتادوا لهم المنازلَ فحطُّوا، وطيَّبوا لهم السيرَ فساروا، وجدُّوا بهم إلى مطارح الجمال فطاروا، ودَبْدَبُوا (?) لهم فطاب لهم اللعب، وغنَّوا لهم فاستفزَّهم إلى المليح والمليحة الطربُ، ووصفوا لهم سمرَ القدود ووردَ الخدود وتفلُّكَ النهود وسواد العيون وبياض الثغور، ونادَوا: "حيَّ على الوصال" فما وصلُ الحبيب بمحظور، فأجاب القوم مناديَ الهوى إذ نادى بهم بحيَّ على غير الفلاح، وباعوا أنفسَهم بالغَبْن وبذلوها في مرضاةِ الصور الجميلة بذلَ المحبِّ أخي سماح، تاللهِ ما حَمِدُوا عقبى سيرِهم لما حَمِدَ القومُ السُّرى عند الصباح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015