أما "مدارج السالكين" فقد تكلم فيه عن السماع في موضعين: الأول في شرح منزلة السماع (1/ 481 - 505) والثاني عند الحديث عن التغذي بالسماع في شرح منزلة الأنس بالله (2/ 407 - 416).
وفي الموضع الأول بيَّن معنى السماع الذي ورد ذكره في القرآن، وذكر أن الكلام فيه مدحًا وذمًّا يحتاج إلى معرفة صورة المسموع وحقيقته، وسببه والباعث عليه، وثمرته وغايته. فبهذه الفصول الثلاثة يتحرر أمر السماع، ويتميز النافع منه والضار، والحق والباطل، والممدوح والمذموم.
ثم قسَّم المسموع إلى ثلاثة أقسام: مسموع يحبُّه الله ويرضاه، ومسموع يبغضه وينهى عنه، ومسموع مباح مأذون فيه لا يحبُّه ولا يبغضه. وفصَّل الكلام في هذه الأقسام وبيَّن أحكامها، وذكر حجج المبيحين لسماع الغناء وناقشها مناقشة علمية، ثم قال: والذي يفصل النزاع في حكم هذه المسألة ثلاث قواعد:
الأولى: أن الذوق والحال والوجد هل هو حاكم أو محكوم عليه؟
الثانية: أنه إذا وقع النزاع في حكم وجب الرجوع إلى الوحي.
الثالثة: إذا أشكل على الناظر حكم شيء فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته.