فذمّ المعرضين عن سماع القرآن المتعوضين عنه بسماع الغناء، كما هو حال السماعاتية المُؤْثِرين لسماع المكاء والتصدية على سماع القرآن، المتعوضين عنه بسماع الغناء.

وهو نظير الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وقال غير واحد من السلف (?) في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6]: إنه الغناء.

الوجه التاسع (?): أنكم معاشرَ السماعاتية المحتجين بهذه الآية لا تَستحسِنون استماعَ كل منظوم ومنثور، بل أنتم من أعظم الناس كراهةً لما لا تحبونه من الأقوال منثورِها ومنظومها، وأشدِّهم نفرةً عن ذلك، ونفورُكم عما لا تحبونه وتهوَونه من الأقوال أعظم من نفور المنازع لكم عن سماع المكاء والتصدية، فهلَّا أدخلتم الأقوال التي تخالف أهواءكم وما تحبونه في القول الذي أثنى الله على من استمعه واتبع أحسنه؟ هذا مع أنَّه قطعًا أحسنُ من أقوال المغنين وأنفعُ للقلب في الدنيا والآخرة، ولكن ذنب هذا القول مخالفته لهواكم وما ابتدعتموه.

فإن كان العموم في الآية مرادًا فقد بطلتْ حجتكم، وإن لم يكن مرادًا فقد بطلتْ أيضًا، فتبين بطلان استدلالكم على التقديرين، وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015