التعريف وتوابعه مقدمات بين يديه، وكما أنَّه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فكذلك أقرب ما يكون منه في المناسك وهو طائف. ولهذا قال بعض الصحابة (?) لمن كلمه في طوافه بأمر من الدنيا: "أتقول هذا ونحن نتراءى لله في طوافنا؟ ". ولهذا والله أعلم جعل الركوع قبل السجود تدريجًا وانتقالًا من الشيء إلى ما هو أعلى منه.
وشرع له تكرير هذه الأفعال والأقوال، إذ هي غذاء القلب والروح التي لا قِوامَ لهما إلَّا بها، فكان تكريرها بمنزلة تكرير الأكل حتى يُشبع، والشرب حتى يُروِي، فلو تناول الجائع لقمة واحدة وأقلع عن (?) الطعام، ماذا كانت تُغني عنه؟
ولهذا قال بعض السلف (?): "مثل الذي يصلي ولا يطمئن في صلاته كمثل الجائع، إذا قُدِّم إليه طعام فتناول منه لقمة أو لقمتين، ماذا تُغنِي عنه؟ ".
هذا، وفي إعادة كل قول أو فعل من العبودية والقرب، وتنزيل الثانية منزلة الشكر على الأولى، وحصول مزيدٍ منها ومعرفةٍ وإقبالٍ وقوة قلب وانشراح صدر وزوال دَرَنٍ ووسخٍ عن القلب، بمنزلة غسل الثوب مرة بعد مرة، فهذه حكمة الله التي بهرت العقول في خلقه وأمره،