الفرق بين أذواق السلف وأذواق المتأخرين

وهو الغالب عليه منهما.

ومن كان له بصيرة وتأملَ أحوالَ الخلق رآهم لا يخرجون عن هذه الأقسام الأربعة، فمن أين تجيء الأذواق الصحيحة المستقيمة، والقلوب قد انحرفت أشدَّ الانحراف عن هَدْي نبيها وما كان عليه هو وأصحابه؟

والسلف الصالح كانوا يجدون الأذواق الصحيحة المتصلة بالله في الأعمال الصحيحة المشروعة، وفي قراءة كتاب الله وتدبره واستماعه، وفي مزاحمة العلماء بالركب، وفي الجهاد في سبيل الله، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الحب في الله والبغض فيه، وتوابع ذلك.

فصار ذوق المتأخرين إلا من رحم الله في اليراع والدفّ والمواصيل، والأغاني المطربة من الصور المستحسنة، والرقص والزعقات، وتعطيل ما يحبه الله ويرضاه من عبوديته المخالفة لهوى النفوس.

فشتان بين ذوق الألحان وذوق القرآن، وبين ذوق العود والطنبور، وذوق المؤمنين والنور، وبين ذوق الزَّمْر وذوق الزُّمَر، وبين ذوق الناي وذوق "اقتربت الساعة وانشق القمر"، وبين ذوق المواصيل والشبابات وذوق يس والصافات، وبين ذوق غناء الشعر وذوق سورة الشعراء، وبين ذوق السماع للمكاء والتصدية وذوق الأنبياء، وبين الذوق على سماع تُذكر فيه العيون السود والخصور والقدود، وذوق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015