وَبِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرِيدٌ بِهِ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لَهُ , فَإِنْ عَلِمَ تَجَوُّزَهُ بِهِ وَاسْتِعَارَتَهُ لَهُ لَمْ يَسُغْ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ اللَّفْظَ مُجَرَّدًا دُونَ ذِكْرِهِ مَا عَرَفَهُ مِنْ قَصْدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ضَرُورَةً غَيْرَ مُسْتَدِلٍّ عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ إِنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي جَازَ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالتَّقْصِيرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ , وَوَجَبَ نَقْلُهُ لَهُ بِلَفْظِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِيَنْظُرَ هُوَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ , فَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ لِلْجَاهِلِ بِمَوَاقِعِ الْخِطَابِ وَبِالْمُتَّفِقِ مَعْنَاهُ وَالْمُخْتَلِفِ مِنَ الْأَلْفَاظِ , فَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ إِبْدَالُ اللَّفْظِ بِخِلَافِهِ , بَلْ هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَمْرِهِ , وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَالِمِ أَيْضًا رِوَايَةُ الْمُحْتَمِلِ مِنَ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى , فَهُوَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ عَلَى مَعْنًى يَسْتَخْرِجُهُ وَيَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ , وَقَدْ يَتَوَهَّمُ وَيَغْلَطُ , وَقَدْ يُصِيبُ , وَنَحْنُ غَيْرُ مَأْمُورِينَ بِتَقْلِيدِهِ , وَإِنْ أَصَابَ فَيَجِبُ لِذَلِكَ رِوَايَتُهُ إِيَّاهُ عَلَى اللَّفْظِ , لِيَجْتَهِدَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَوْلِ بِمَعْنَاهُ , اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَقُولَ النَّاقِلُ الْعَدْلُ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ ضَرُورَةً قَصْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُحْتَمِلِ مِنْ كَلَامِهِ إِلَى كَذَا وَكَذَا , وَأَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ دُونَ غَيْرِهِ , فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَزُولُ حُكْمُ الِاجْتِهَادِ فِي مَعْنَى اللَّفْظِ. وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِلْعَالِمِ بِمَعْنَاهُ فَهُوَ