حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ , أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطِّيبِ , قَالَ: «لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي أَنَّ الْقَوْلَ» صَحَابِيُّ" مُشْتَقٌّ مِنَ الصُّحْبَةِ , وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ مِنْ قَدْرٍ مِنْهَا مَخْصُوصٍ , بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى كُلِّ مَنْ صَحِبَ غَيْرَهُ , قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا , كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ مُكَلِّمٌ وَمُخَاطِبٌ , وَضَارِبٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمُكَالَمَةِ , وَالْمُخَاطَبَةِ وَالضَّرْبِ وَجَارٍ عَلَى كُلِّ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ , قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا , وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ مِنَ الْأَفْعَالِ , وَكَذَلِكَ يُقَالُ: صَحِبْتُ فُلَانًا حَوْلًا وَدَهْرًا وَسَنَةً وَشَهْرًا وَيَوْمًا وَسَاعَةً , فَيُوقَعُ اسْمُ الْمُصَاحَبَةِ بِقَلِيلِ مَا يَقَعُ مِنْهَا وَكَثِيرِهِ , وَذَلِكَ يُوجِبُ فِي حُكْمِ اللُّغَةِ إِجْرَاءَ هَذَا عَلَى مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ , هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي اشْتِقَاقِ الِاسْمِ , وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ تَقَرَّرَ لِلْأُمَّةِ عُرْفٌ فِي أَنَّهُمْ لَا يَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ إِلَّا فِيمَنْ كَثُرَتْ صُحْبَتُهُ وَاتَّصَلَ لِقَاؤُهُ , وَلَا يُجْرُونَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَقِيَ الْمَرْءَ سَاعَةً , وَمَشَى مَعَهُ خُطًى , وَسَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا , فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنْ لَا يُجْرَى هَذَا الِاسْمُ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ إِلَّا عَلَى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ , وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ خَبَرَ الثِّقَةِ الْأَمِينِ عَنْهُ مَقْبُولٌ وَمَعْمُولٌ بِهِ , وَإِنْ لَمْ تَطُلْ صُحْبَتُهُ وَلَا سَمِعَ مِنْهُ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا" وَمِنَ الطُّرُقِ إِلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ صَحَابِيًّا تَظَاهُرُ الْأَخْبَارِ بِذَلِكَ , وَقَدْ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ صَحَابِيُّ إِذَا كَانَ ثِقَةً أَمِينًا مَقْبُولَ الْقَوْلِ , إِذَا قَالَ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , وَكَثُرَ لِقَائِي لَهُ , فَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ صَحَابِيُّ فِي الظَّاهِرِ , لِمَوْضِعِ عَدَالَتِهِ وَقَبُولِ خَبَرِهِ , وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِذَلِكَ , كَمَا يُعْمَلُ بِرِوَايَتِهِ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِسَمَاعِهِ , وَلَوْ رُدَّ قَوْلُهُ إِنَّهُ صَحَابِيُّ لَرُدَّ خَبَرُهُ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , فَإِنْ قِيلَ: إِخْبَارُ الرَّسُولِ لَهُ بِالْحُكْمِ يَخْفَى , وَتَفَرُّدُهُ بِالْقَوْلِ لَهُ وَبِصُحْبَتِهِ وَمُطَاوَلَتُهُ لَا تَكَادُ تَخْفَى , قِيلَ: لَعَمْرِي إِنَّهَا لَا تَخْفَى , وَإِذَا قَالَ: أَنَا صَحَابِيُّ , وَلَمْ يُحْكَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَدُّ قَوْلِهِ وَلَا مَا يُعَارِضُهُ , جَازَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ طَالَتْ صُحْبَتُهُ , وَإِنْ لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ طُولَ صُحْبَتِهِ , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ إِثْبَاتُهُ صَحَابِيًّا حُكْمًا بِقَوْلِهِ لِذَلِكَ , أَوْ قَوْلِ آحَادِ الصَّحَابَةِ: إِنَّهُ صَحَابِيُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015